وإنْ أردْتَ أعجبَ من ذلك فقولُه - الكامل - : .
( أهدَى إليَّ أبو الحُسَينِ يَدا ... أَرْجُو الثَّوابَ بها لَدَيْهِ غَدا ) .
( وكذاكَ عاداتُ الكَريمِ إذا ... أَوْلَى يَداً حُسِبَتْ علَيْهِ يَدا ) .
( إنْ كانَ يَحْسُدُ نفسَهُ أَحَدٌ ... فَلأَزْعُمنَّكَ ذلكَ الأَحَدا ) .
فهذا كلُّه على معنى الوهمِ والتقّدير وأن يُصَوِّر في خاطرِه شيئاً لم يَرَه ولم يَعْلَمْه ثم يُجريه مُجْرى ما عَهِد وعَلِم . وليس شيءٌ أغلبَ على هذا الضَّربِ المَوهومِ من " الذي " فإنه يجيءُ كثيراً على أنك تقدِّر شيئاً في وَهْمك ثم تعبِّر عنه بالذي . ومثالُ ذلك قولُه - الطويل - : .
( أَخُوكَ الذي إنْ تَدْعُهُ لِمُلمْةٍ ... يُجِبْكَ وإن تَغْضَبْ إلى السَّيفِ يَغْضَبِ ) .
وقولُ الآخَرِ - الطويل - : .
( أخوكَ الذي إنْ رِبْتَه قالَ : إنَّما ... أرَبْتُ وإنْ عاتَبْته لانَ جانِبُهْ ) .
فهذا ونحُوه على أنكَ قَدَّرتَ إنساناً هذه صفتُه وهذا شأنه وأحَلْتَ السامِعَ عَلى مَا يَعِنُّ في الوهم دون أن يكونَ قد عرَف رجلاً بهذه الصفةِ فأعلمتَه أن المستحقَّ لاسمِ الأُخوةَّ هو ذلك الذي عَرَفه حتى كأنك قلتَ : أخوك زيدٌ الذي عرفتَ أنكَ إنْ تدعُه لملمة يجبْك . ولكونِ هذا الجنسِ معهوداً من طريقِ الوَهم والتخيُّل جَرىَ على ما يُوصَفُ بالاستحالةِ كقولك للرجل وقد تمنّى : هذا هو الذي لا يكونُ وهذا ما لا يَدْخُلُ في الوجود . وقولُه - الكامل - :