محذوفاً . وقد يتَفقُ في بعضِه أن يكونَ إظهارُ المفعولِ هو الأحسن وذلك نحوُ قولِ الشاعر - الطويل - : .
( ولَوْ شئتُ أنْ أبْكي دماً لَبَكَيْتُه ... عَلَيْهِ ولكِنْ ساحَةُ الصَّبْرِ أَوْسَعُ ) .
فقياسُ هذا لو كان على حَدِّ : " وَلَوْ شاءَ اللّهُ لجمَعَهُم على الهُدى " أن يقولَ : لو شئتُ بكيتُ دماً ولكنه كأنه تركَ تلك الطريقةَ وعدلَ إلى هذهِ لأَنَّها أحسنُ في هذا الكلامِ خُصوصاً . وسببُ حسنِه أنَّه كأنه بِدْعٌ عجيبٌ أن يشاءَ الإنسانُ أن يبكَي دَماً . فلمَّا كان كذلك كان الأَولى أن يُصَرِّحَ بذكرِه ليقرِّره في نفسِ السِّامع ويؤنسَه به .
وإذا استقرَيْتَ وجدتَ الأمرَ كذلك أبداً متى كان مفعولُ المشيئةِ أمراً عظيماً أو بديعاً غريباً كان الأحسنَ أن يُذْكَر ولا يُضْمَر . يقولُ الرجلُ يُخبرُ عن عزًّة نفسِه : لو شئتُ أَن أردَّ على الأميِر رَدَدْتُ ولو شئتُ أنْ أَلقى الخَليفةَ كلَّ يوم لقيتُ . فإذا لم يكن مما يُكْبِره السامعُ فالحذفُ كقولك : لو شئتَ خرجتَ ولو شئتَ قمتَ ولو شئت أنصفتَ ولو شئتَ لقلت . وفي التنزيلِ : ( لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هذا ) وكذا تقولُ : لو شئتُ كنتُ كزيدٍ قال - البسيط - : .
( لَوْ شِئتُ كُنْتُ كَكُرْزٍ في عِبادَتِهِ ... أو كابْنِ طارِق حَوْلَ البَيْتِ والحَرَمِ ) .
وكذلِكَ الحُكمُ في غيرهِ مِنْ حُروفِ المجازاةِ أن تقولَ : إن شئتُ قلتُ وإن أردتُ دفعتُ : قال الله تعالى : ( فإنْ يَشأ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ ) وقال عَزَّ اسمُه : ( مَنْ يَشَأ اللهُ )