وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأكرمتُ عبد الله . ثم تركتَ ذكرَه في الأوّل استغناءً بذكره في الثاني . فهذا طريقٌ معروفٌ ومذهبٌ ظاهرٌ وشيء لا يُعْبأ به ويُظَن أنه ليس فيه أكثرُ مما تُريك الأمثلة المذكورةُ منه . وفيه إذا أنتَ طلبتَ الشيءَ من معدنهِ من دقيقِِ الصِّنعة ومن جَليل الفائدة ما لا تجدُه إلاَّ في كلامِ الفحول . فمِنْ لطيفِ ذلك ونادرهِ قولُ البحتري - الكامل - : ( لو شئتَ لم تُفْسدْ سَماحةَ حاتِمٍ ... كَرَماً ولمْ تَهْدِمْ مآثرَ خالِدِ ) .
الأصلُ : لا محالةَ لو شئتَ أن لا تُفسدَ سماحةَ حاتمٍ لم تُفسدها . ثم حذَفَ ذلك مَن الأول استغناءً بدلالته في الثاني عليه . ثم هو على ما تراه وتعلمُه منَ الحُسن والغرابِة وهو على ما ذكرتُ لك من أنَّ الواجبَ في حُكمِ البلاغة أن لا يُنْطَقَ بالمحذوف ولا يَظْهرَ إلاّ اللفظُ . فليس يَخْفى أنك لو رجعتَ فيه إلى ما هو أصُله فقلتَ : لو شئتَ أن لا تفسدَ سماحةَ حاتمٍ لم تُفسدها صرتَ إلى كلامٍ غثٍّ وإلى شيءٍ يَمَجُّه السمعُ وتعافُه النفس . وذلك أن في البيان إذا وَرَدَ بعدَ الإبهامِ وبعدَ التَّحريك له أبداً لطفاً ونبلاً لا يكونُ إذا لم يتقدَّمْ ما يحرِّك وأنتَ إذا قلتَ : لو شئت علم السّامع أنك قد علَّقتَ هذه المشيئةَ في المعنى بشيءٍ فهو يَضَعُ في نفسهِ أنًّ هنا شيئاً تَقتضي مشيئتهُ له أن يكونَ أو أن لا يكون . فإذا قلتَ : لم تفسدْ سماحةَ حاتم عُرف ذلك الشيء .
ومجيءُ المشيئة بعد " لو " وبعدَ حروفِ الجزاءِ هكذا موقوفةً غيرَ مُعدَّاةٍ إلى شيءٍ كثيرٍ شائعٍ كقوله تعالى : ( وَلَوْ شاءَ اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلى الهُدى ) ( وَلَوْ شَاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعينَ ) . والتّقديرُ في ذلك كلِّه على ما ذكرتُ فالأصلُ : لَوْ شاءَ اللّهُ يجمَعَهم على الهُدى لجمعَهم و : لو شاءَ أن يهدِيَكُم أجمعين لهداكم . إلاَّ أَنَ البلاغةَ في أن يُجاءَ به كذلك