لا عيش إلا لفتيان إذا انتدبوا ... ثاروا وإن نهضوا في غمة كشفوا .
بقي بهم ملة الإسلام ناصرها ... كما يقي الدرة المكنونة الصدف .
قاموا لقوة دين الله ما وهنوا ... لما أصابهم فيه ولا ضعفوا .
وجاهدوا في سبيل الله فانتصروا ... من بعد ظلمٍ ومما ساءهم أنفوا .
لما أتتهم جموع الكفر يقدمهم ... رأس الضلال الذي في عقله حنف .
جاءوا وكل مقام ظل مضطرباً ... منهم وكل مقام بات يرتجف .
فشاهدوا علم الإسلام مرتفعاً ... بالعدل فاستيقنوا ان ليس ينصرف .
لاقاهم الفيلق الجرار فانكسروا ... خوف العوامل بالتأنيث فانصرفوا .
يا مرج صفر بيضت الوجوه كما ... فعلت من قبل الإسلام يؤتنف .
أزهر روضك أزهى عند نفحته ... أم يانعات رؤسٍ فيك تقتطف .
غدران أرضك قد أضحت لواردها ... ممزوجةً بدماء المغل تغترف .
زلت على كتف المصري أرجلهم ... فليس يدرون أنى تؤكل الكتف .
آووا إلى جبل لو كان يعصهم ... من موج فرج المنايا حين يختطف .
دارت عليهم من الشجعان دائرةٌ ... فما نجا سالمٌ منهم وقد زحفوا .
ونكسوا منهم الأعلام فانهزموا ... ونكصوهم على الأعقاب فانقصفوا .
ففي جماجمهم بيض الظبى زبرٌ ... وفي كلاكلهم سمر القنا قصف .
فروا من السيف ملعونين حيث سروا ... وقتلوا في البراري حيثما ثقفوا .
فما استقام لهم في أعوج نهجٍ ... ولا أجارهم من مانعٍ كنف .
وملت الأرض قتلاهم بما قذفت ... منهم وضاق منها المهمه القذف .
والطير والوحش قد عافت لحومهم ... ففي مزاج الضواري منهم قرف .
ردوا فكل طريقٍ نحو أرضهم ... تدل جاهلها الأشلاء والجيف .
وأدبروا فتولى قطع دابرهم ... والحمد لله قومٌ للوغى ألفوا .
ساقوهم فسقوا شط الفرات دماً ... وطمهم بعباب السيل فانحرفوا .
وأصبحوا بعد لا عينٌ ولا أثرٌ ... عن القلاع عليها منهم شعف .
يا برق بلغ إلى غازان قصتهم ... وصف فقصتهم من فوق ما تصف .
بشر بهلكهم ملك العراق لكي ... يعطيك حلوانها حلوان والنجف .
وإن يسل عنهم قل قد تركتهم ... كالنخل صرعى فلا تمرٌ ولا سعف .
ما أنت كفو عروس الشام تخطبها ... جهلاً وأنت إليها الهائم الدنف .
قد مات قبلك آباءٌ بحسرتها ... وكلهم مغرمٌ مغرىً بها كلف .
إن الذي في جحيم النار مسكنه ... لا تستباح له الجنات والغرف .
وإن تعودوا تعد أسيافنا لكم ... ضرباً إذا قابلتها رضت الحجف .
ذوقوا وبال تعديكم وبغيتكم ... في أمركم ولكأس الخزي فارتشفوا .
فالحمد لله معطي النصر ناصره ... وكاشف الضر حيث الحال تنكشف .
وفي ذي الحجة من السنة المذكورة كانت الزلزلة العظيمة بمصر والشام وكان تأثيرها بالإسكندرية أعظم ذهب تحت الردم بها عدد كبير وطلع البحر إلى نصف البلد واخذ الجمال والرجال وغرقت المراكب وسقطت بمصر دور لا تحصى وهدمت جوامع ومآذن فانتدب الجاشنكير وسلار وغيرهما من الأمراء والكبار وأخذ كل واحد منهم جامعاً وعمره وجدد له وقوفاً .
وفي سنة ثلاث وسبع مائة توجه أمير سلاح وعسكر من دمشق وقبجق في عسكر حماه واسندمر في عسكر الساحل وقراسنقر في عسكر حلب ونازلوا تل حمدون وأخذوها ودخل بعض العسكر الدربند وانحازوا ونهبوا وأسروا خلقاً ودقت البشائر .
وفي شوال من خدابنده هذه السنة توفي غازان ملك التتار وملك بعده أخوه محمد الملقب