وفي سنة خمس وسبع مائة نازل الأفرم بعساكره من دمشق جبل الجرد وكسر الكسروانيين - وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى في ترجمته - لأنهم كانوا وافض روكانوا قد آذوا المسلمين وقتلوا المنهزمين من العساكر المصرية في نوبة قازان الأولى الكائنة في سنة تسع وتسعين وست مائة .
وفي سنة ثمان وسبع مائة ذهب السلطان في شهر رمضان إلى الحجاز وأقام بالكرك متبرماً من سلار الجاشنكير وحجرهم عليه ومنعهم له من التصرف .
قيل أنه طلب يوماً خروفاً رميساً فمنع منه أو قيل له : حتى يجيء كريم الدين الكبير لأنه كان كاتب الجاشنكير .
وأمر نائب الكرك بالتحول إلى مصر وعند دخوله القلعة انكسر به الجسر فوقع نحو خمسين مملوكاً إلى الوادي ومات منهم أربعة وتهشم جماعة .
وأعرض السلطان عن أمر مصر فوثب لها بعد أيام الجاشنكير وتسلطن وخطب له وركب بخلعة الخلافة وذلك عندما جاءتهم كتب السلطان باجتماع الكلمة فإنه ترك لهم الملك .
وفي سنة تسع وسبع مائة في شهر رجب خرج السلطان من الكرك قاصداً دمشق وكان قد ساق إليه من مصر مائة وسبعون فارساً فيهم أمراء وأبطال وجاء مملوك السلطان إلى الأفرم يخبره بان السلطان وصل إلى الخمان فتوجه إلى السلطان بيبرس المجنون وبيبرس العلائي ثم ذهب بهادر آص لكشف القضية فوجد السلطان قد رد إلى الكرك .
ثم بعد أيام ركب السلطان وقصد دمشق بعدما ذهب إليه قطلبك الكبير والحاج بهادر وقفز سائر المراء إلى السلطان فقلق الأفرم ونزح بخواصه مع علاء الدين ابن صبح إلى شقيف ارنون فبادر بيبرس العلائي وآقجبا المشد وأمير علم في إصلاح الجتر والعصائب وأبهة الملك فدخل السلطان قبل الظهر إلى دمشق وفتح له باب سر القلعة ونزل النائب وقبل له الأرض فلوى عنان فرسه إلى جهة القصر الأبلق ونزل به ثم عن الأفرم حضر إليه بعد أربعة أيام فأكرمه واستمر به في نيابة دمشق وبعد يومين وصل نائب حماة قبجق واسندمر نائب طرابلس وتلقاهما السلطان وفي ثامن عشرين الشهر وصل قراسنقر نائب حلب .
ثم خرج لقصد مصر في تاسع رمضان ومعه الأمراء ونواب الشام والأكابر والقضاة ووصل غزة وجاء الخبر بنزول الجاشنكير عن الملك وانه طلب مكاناً يأوي إليه وهرب من مصر مغرباً وهرب سلار مشرقاً .
فلما كان بالريدانية ليلة العيد اتفق الأمراء عليه وهموا بقتله فجاء إليه بهاء الدين ارسلان دوادار سلار وقال : قم الآن اخرج من جانب الدهليز واطلع إلى القلعة فرعاها له فلم يشعر الناس إلا بالسلطان وقد خرج راكباً فتلاحقوا به وركبوا في خدمته وصعد إلى القلعة وكان الاتفاق قد حصل أن قراسنقر يكون نائباً بمصر وقطلوبك الكبير نائب دمشق .
فلما استقر الحال قبض السلطان في يوم واحد على اثنين وثلاثين أميراً من السماط ولم ينتطح فيها عنزان وأمر للافرم بصرخد ولقراسنقر بدمشق وجعل بكتمر الجوكندار الكبير نائباً بمصر وجعل قبجق نائب حلب والحاج بهادر نائب طرابلس وقطلوبك الكبير نائب صفد .
وفي سنة عشر وسبع مائة وصل في المحرم اسندمر نائباً على حماة وفيها صرف القاضي بدر الدين ابن جماعة عن القضاء وتولى القاضي جمال الدين الزرعي وصرف السروجي وتولى القاضي شمس الدين الحريري قضاء الحنفية طلب من دمشق .
وبعد أيام قلائل توفي الحاج بهادر نائب طرابلس ومات بحلب نائبها قبجق فرسم لاسندمر بحلب وطرابلس لأفرم وأمره السلطان بان لا يدخل دمشق على ما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى .
وفي هذه الأيام أعطى السلطان حماة لعماد الدين إسماعيل بن الأفضل وجعله بها .
وفي سنة إحدى عشرة في أولها نقل قراسنقر من نيابة دمشق إلى نيابة حلب بعدما امسك اسندمر نائب حلب وتولى كراي المنصوري نيابة دمشق .
وفي شهر ربيع الآخر أيعد القاضي بدر الدين ابن جماعة إلى منصبه بالقاهرة وتقرر القاضي جمال الدين الزرعي قاضي العسكر ومدرس مدارس .
وفي جمادى الأولى أمسك كراي المنصوري نائب دمشق وقيد وجهز إلى الباب بعدما امسك الأمير سيف الدين بكتمر والجوكندار النائب بمصر وأمسك قطلوبك الكبير نائب صفد وحبس هو وكراي بالكرك ثم جاء الأمير جمال الدين آقوش الأشرفي نائب الكرك إلى دمشق نائباً