ابن التعاويذي محمد بن عبيد الله بن عبد الله ابو الفتح سبط المبارك التعاويذي البغدادي المشهور صاحب الديوان أضر آخر عمره روى عنه علي بن المبارك ابن الوارث توفي سنة أربع وثمانين وخمس مائة إنما نسب إلى التعاويذي لأنه نشأ في حجره وكفله صغيراً فنسب إليه وهو جده . قال ابن خلكان : زلم يكن في وقته مثله وفيما أعتقد لم يكن قبله بمائتي سنة من يضاهيه ولا يؤاخذني من يقف على هذا الفصل فإن ذلك يختلف بميل الطباع قلت : كان شاعراً مطيقاً سهل الألفاظ عذب الكلام منسجم التركيب ولم يكن له غوص على المعاني ولم يورد له ابن خلكان C على إطنابه في وصفه شيئاً من قصائده الطنانة . وكان الشيخ الإمام شهاب الدين محمود C لا يفارقه ديوانه ويعجبه طريقه وكان ابن التعاويذي كاتباً بديوان المقاطعات وعمي في آخر عمره سنة تسع وسبعين وله في عماه أشعار كثيرة يرثي عينيه ويندب زمان شبابه وجمع ديوانه بنفسه ورتبه أربعة فصول ثم ألحقه بعد ذلك بزيادات وصنف كتاباً سماه الحجبة والحجاب يدخل في مقدار خمس عشرة كراسة وهو قليل الوجود . وقال العماد الكاتب إنه كان في العراق صاحبه فلما انتقل العماد إلى الشام وخدم نور الدين وصلاح الدين كتب إليه يطلب منه فروة برساله ذكرها ابن خلكان في تاريخه . وكان مولده سنة تسع عشرة وخمس مائة . ومن شعره : .
سقاك سارٍ من الوسمي هتان ... ولا رقت للغوادي فيك أجفان .
يا دار لهوي وإطرابي وملعب أت ... رابي وللهو أوطارٌ وأوطان .
أعائدٌ لي ماضٍ من جديد هوىً ... أبليته وشبابٌ فيك فينان .
إذ الرقيب لنا عينٌ مساعدة ... والكاشحون لنا في الحب أعوان .
وإذ جميلة توليني الجميل وعن ... د الغانيات وراء الحسن إحسان .
ولي إلى البان من رمل الحمى طربٌ ... فاليوم لا الرمل يصيبني ولا البان .
وما عسى يدرك المشتاق من وطرٍ ... إذا بكى الربع والأحباب قد بانوا .
كانوا معاني المغاني والمنازل أم ... واتٌ إذا لم يكن فيهن سكان .
لله كم قمرت لبي بجوك أقم ... ارٌ وكم غازلتني فيك غزلان .
وليلةٍ بات يجلو الراح من يده ... فيها أغن خفيف الروج جذلان .
خالٍ من الهم في خلخاله حرجٌ ... فقلبه فارغٌ والقلب ملآن .
يذكي الجوى باردٌُ من يقه شمٌ ... ويوقظ الوجد طرفٌ منه وسنان .
إن يمس ريان من ماء الشباب فلي ... قلبٌ إلى ريقه المعسول ظمآن .
بين السيوف وعينيه مشاركةٌ ... من أجلها قيل للأغماد أجفان .
فكيف أصحو غراماً أو أفيق جوىً ... وقده ثمل الأعطاف نشوان .
أفديه من غادرٍ للعهد غادرني ... صدوده ودموعي فيه غدران .
في خده وثناياه مقلته ... وفي عذاريه للعشاق بستان .
شقائقٌ وأقاحٌ نبته خضلٌ ... ونرجسٌ أنا منه الدهر سكران .
ومنه قصيدة مدح بها القاضي الفاضل أولها : .
مرت بنا في ليلة النفر ... تجمع بين الإثم والأجر .
أدماء غراء هضيم الحشا ... واضحة اللبات والنحر .
مرت تهادى بين أترابها ... كالبدر بين الأنجم الزهر .
مال بها سكر الهوى والصبى ... ميل الصبا بالغصن النضر .
منها : .
ذنبي إلى الأيام حريتي ... ولم تزل إلباً على الحر .
ما لي أرى الناس وحالي على ... خلاف أحوالهم تجري .
وما أرى لي بينهم دولةً ... ترفع من شأني ولا قدري .
كأنني لست من الناس في ... شيء ولا دهرهم دهري .
وما لإنسانيتي شاهدٌ ... شيء سوى أني في خسر .
منها يذكر ما حصل له من العمى : .
حتى رمتني رميت بالأذى ! .
... بنكبةٍ قاصمة الظهر .
وأوترت في مقلةٍ قلما ... علمتها باتت على وتر .
أصبتني فيها على غرة ... بغابرٍ من حيث لا أدري