ولما ركب من اسكندرية في البحر متوجهاً إلى بلاد أخذ ينكر على أهل السفينة ويلزمهم بالصلاة والتلاوة ووصل إلى المهدية وصاحبها يحيى بن تميم الصهناجي وقرأوا عليه كتباً في الأصول وكسر أواني الخمور ثم نزح إلى بجاية فأخرج منها إلى قرية يقال لها ملالة فوجد بها عبد المؤمن بن علي القيسي يقال إن ابن تومرت كان قد وقع بكتاب فيه صفة عبد المؤمن وهو رجل يظهر بالمغرب الأقصى من ذرية النبي A يدعو إلى الله يكون مقامه ومدفنه بموضع من الغرب يسمى ت ى ن م ل ويجاوز وقته الماية الخامسة فألقي في ذهنه أنه هو فلما رآه قال له : ما اسمك ؟ قال : عبد المؤمن فقال : الله أكبر أنت بغيتي فأين مقصدك ؟ قال : الشرق لطلب العلم قال : قد وجدت علماً وشرفاً اصحبني تنله فوافقه فألقى إليه محمد أمره وأودعه سره وكان محمد صحب عبد الله الونشريشي بفتح الواو وسكون النون وفتح الشين المعجمة وبعدها راء مكسورة وياء آخر الحروف ساكة وشين أخرى وهي من أعمال إفريقية ففاضوه فيما عزم عليه فوافقه أتم موافقة وكان الونشريشي فاضلاً أيضاً فصحياً وتفاوضا في ذلك فقال له محمد : أرى أن تكتم ما أنت عليه من العلم والفصاحة وتظهر العي والعجز واللكن ففعل ذلك ثم إن محمداً استدنى من المغاربة أشخاصاً أغماراً أجلاداً وكانوا ستى وسار بهم لى أقصى المغرب ثم بعد ذلك اجتمع بعبد المؤمن وتوجهوا إلى مراكش وصاحبها علي بن يوسف بن تاشفين وبحضرته رجل يقال له مالك بن وهيب الأندلسي وكان عالماً صالحاً فشرع في الإنكار ابن تومرت على عادته وأنكر على ابنة الملك وقصته معها يطول شرحها فبلغ خبره الملك وأنه يتحدث تغيير الدولة فتحدث مع ابن وهيب فقال : أرى أن تحضره وأصحابه ونسمع كلامه بحضور العلماء وكانوا مقيمين في مسجد خراب خارج البلد فلما حضروا سأله محمد بن أسود قاضي المرية وقال : ما الذي يذكر عنك في حق هذا الملك العادل المنقاد إل الحق ؟ فقال محمد : الذي نقل عني قلته ولي من روائه أقوال فهل بلغك يا قاضي أن الخمر تباع جهراً والخنازير تمشي بين المسلمين وأموال اليتامى تؤخذ ؟ وعد من ذلك شيئاً كثيراً فلما سمعه الملك ذرفت عيناه فلم يكلمه أحد منهم فقال له ابن وهيب : أخاف عليك من هذا وأرى اعتقاله مع أصحابه وينفق كل يوم عليهم دينار لتكفي شره وإن لم تفعل هذا أنفقت خزاينك عليه فقال وزيره : يقبح عليك أن تبكي من موعظته وتسيء إليه في مجلس واحد ويهظر منك الخوف وهو فقير فصرفه وسأله الدعاء ولما خرجوا قال محمد لجماعته : لا مقام لنا بمراكش مع ابن وهيب فتوجهوا إلى اغمات واجتمعوا بعبد الحق بن إبراهيم من فقهاء المصامدة وحكوا له ما جرى فقال : هذا الموضع لا يحميكم وإن أحصن هذه المواضع تين مل فانقطعوا فيه برهة فلما سمع محمد هذا الاسم تجدد له ذكره فيما كان اطلع عليه فقصدوا المكان وأكرمهم أهله وأنزلوهم أكرم نزل وسأل الملك عنهم بعد ذلك فقيل له : سافروا فسر بذلك وتسامع أهل الجبل بهم وقصدوهم من كل فج عميق يلتموسن بكرة محمد دعاءه فكان كل من استدناه عرض عليه ما في نفسه فإن أجابه أضافه إلى خواصه وإن أبي أعرض عنه وكان أصحاب العقول ينهون من يميل إليه خوفاً من السلطان فطال الأمر على محمد وخاف من حلول المنية ورأى بعض أولاد القوم شقراً زرقاً وألوان آبايهم إلى السمرة والكحل فسألهم عن ذلك فأجابوه بعد جهد : إنه علينا خراج للملك فإذا جاء مماليكه نزلوا بيوتنا وأخرجونا عنها ويخلون بمن فيها من السناء فقال لهم : والله إن الموت خير من هذه الحياة ! .
كيف حالكم مع ناصر يقوم بدفع هذا عنكم ؟ قالوا : نقدم نفوسنا له من الموت ومن هو ؟ قال ضيفكم يعني نفسه وكانوا يغالون في تعظيمه فأخذ عليهم العهود والمواثيق وقال : ضيفكم يعني نفسه وكانوا يغالون في تعظيمه فأخذ عليهم العهود والمواثيق وقال : استعدوا لحضورهم بالسلاح وغذا جاءوا أجروهم عل عادتهم وميلوا عليهم بالخمر فإذا سكروا ادنوني منهم فلما حضروا فعل بهم ذلك وأعلموه بأمرهم ليلاً فأمر بقتلهم فأتوا على آخرهم ونجا منهم واحد وكان خارج الدار فهرب ولحق بمراكش وأخبر الملك فندم على فوات محمد وعلم أن الحزم كان ما رآه ابن وهيب فجهز عسكراً إلى وادي تين مل وعلم محمد أن العسكر يحضر إليهم فأمرهم بالقعود عل نقاب الوادي ومراصده واستنجد لهم المجاورين فلما