وصل العسكر أقبلت الحجارة عليهم مثل المطر من جانبي الوادي ولم يزالوا كذلك إلى أن حان الليل بينهم فرجع العسكر إلى الملك فعلم أنه لا طاقة له بأهل الجبل فأعرض عنهم وتحقق ذلك محمد وصفت له مودة أهل الجبل فأمر الونشريشي وقال : أظهر فضايلك وفصاحتك دفعة واحدة فلما صلوا الصبح قال : رأيت البارحة في نومي ملكين قد نزلا من السماء وشقا بطني وغسلاه وحشياه علماً وحكمه وقرآناً فانقاد له كل صعب القياد وعجبوا من حاله وحفظه القرآن فقال له محمد : عجل لنا البشرى في أنفسنا وعرفنا أسعداء نحن أم أشقياء فقال : أما أنت فإنك المهدي القايم بأمر الله ومن تعبك سعد ومن خالفك شقي ثم قال : أعرض أصحابك حتى أميز أهل الجنة من أهل النار فقتل من خالف أمر محمد وأبقي من أطاعه وعلم أن الذين قتلوا لا يطيب قلوب أهلهم فبشرهم بقتال الملك وغنيمة أمواله فسروا بذلك ولم يزل محمد يسعى ويدبر الأمر إلى أن جهز عشرة آلاف فارس وراجل وفيهم عبدالمؤمن والونشريشي واقام هوبالجبل وأقاموا على حصار مراكش شهراً ثم أنهم كسروا كسرة شنيعة وهرب من سلم من القتل وكان فيمن سلم عبد المؤمن وقتل الونشريشي فبلغ الخبر محمداً وهو بالجبل وحضرته الوفاة فأوصى من حضر أن يبلغ الغايبين أن العاقبة لهم حميدة والنصر لهم فلا يضجروا وليعاودوا القتال وأنتم في مبدأ أمر وهم في أواخره وأطنب في الوصية من هذه المادة ثم إنه توفي سنة أربع وعشرين وخمس ماية ودفن في الجبل وقبره هناك يزار وولادته يوم عاشوراء سنة خمس وثمانين وأربعماية وأول ظهوره ودعايه إلى هذا الأمر سنة أربع عشر وخمس ماية وكان ربعة قضيف البدن أسمرعظيم الهامة حديد النظر قال صاحب المغرب في أخبار أهل المغرب في حقه : صل العسكر أقبلت الحجارة عليهم مثل المطر من جانبي الوادي ولم يزالوا كذلك إلى أن حان الليل بينهم فرجع العسكر إلى الملك فعلم أنه لا طاقة له بأهل الجبل فأعرض عنهم وتحقق ذلك محمد وصفت له مودة أهل الجبل فأمر الونشريشي وقال : أظهر فضايلك وفصاحتك دفعة واحدة فلما صلوا الصبح قال : رأيت البارحة في نومي ملكين قد نزلا من السماء وشقا بطني وغسلاه وحشياه علماً وحكمه وقرآناً فانقاد له كل صعب القياد وعجبوا من حاله وحفظه القرآن فقال له محمد : عجل لنا البشرى في أنفسنا وعرفنا أسعداء نحن أم أشقياء فقال : أما أنت فإنك المهدي القايم بأمر الله ومن تعبك سعد ومن خالفك شقي ثم قال : أعرض أصحابك حتى أميز أهل الجنة من أهل النار فقتل من خالف أمر محمد وأبقي من أطاعه وعلم أن الذين قتلوا لا يطيب قلوب أهلهم فبشرهم بقتال الملك وغنيمة أمواله فسروا بذلك ولم يزل محمد يسعى ويدبر الأمر إلى أن جهز عشرة آلاف فارس وراجل وفيهم عبدالمؤمن والونشريشي واقام هوبالجبل وأقاموا على حصار مراكش شهراً ثم أنهم كسروا كسرة شنيعة وهرب من سلم من القتل وكان فيمن سلم عبد المؤمن وقتل الونشريشي فبلغ الخبر محمداً وهو بالجبل وحضرته الوفاة فأوصى من حضر أن يبلغ الغايبين أن العاقبة لهم حميدة والنصر لهم فلا يضجروا وليعاودوا القتال وأنتم في مبدأ أمر وهم في أواخره وأطنب في الوصية من هذه المادة ثم إنه توفي سنة أربع وعشرين وخمس ماية ودفن في الجبل وقبره هناك يزار وولادته يوم عاشوراء سنة خمس وثمانين وأربعماية وأول ظهوره ودعايه إلى هذا الأمر سنة أربع عشر وخمس ماية وكان ربعة قضيف البدن أسمرعظيم الهامة حديد النظر قال صاحب المغرب في أخبار أهل المغرب في حقه : .
آثاره تنبك عن أخباره ... حتى كأنك بالعيون تراه .
وكان قوته من غزل اخته رغيفاً في كل يوم بقليل سمن أو زيت ولم ينتقل عن هذا حين كثرت عليه الدنيا ورأى أصحابه يوماً وقد مالت نفوسهم إلى ما غنموه فأمر بضم ذلك جميعه وأحرقه بالنار وقال : من كان يتبعني للدنيا فما له عندي إلا ما رأى ومن كان يتبعني للآخرة فجزاؤه عند الله وكان كثيراً ما ينشد : .
تجرد من الدنيا فإنك إنما ... خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد .
وكان يتمثل بقول أبي الطيب : .
إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم .
فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم