يصد دلالاً عن ودادي وينثني ... وقبل صدور الذنب مني يعاتب .
فلما تأخر كتاب التشبيهات المذكور ولم يرسله كتبت إليه : .
قد قلت إن ثلثاً عمر غيبته ... عني وذلك وعد غير مكذوب .
وليس وعدك شاهاً ساقها الزمن الجاني فعلقها منه بعرقوب فكتب الجواب عن ذلك .
جاءت ومن طرسها ساق يدير على ... سمعي من اللفظ فيه خير مشروب .
فحبذا هو من ساق نعمت به ... وإن تعرض فيه ذكر عرقوب .
وكتب إلي وأنا ضعيف : .
نثقل إذ نبغي بلفظك طبنا ... من الهم والجسم الشريف نحيل .
فها أنت فينا كالنسيم بلطفه ... طبيب يداوي الناس وهو عليل .
وحاشاك من شكوى اعتلال سينقضي ... قريباً كما تختارهويزل .
فلا غير أجفان المليح سقيمة ... ولا غير أرداف المليح نثقيل .
فكتبت الجواب عن ذلك : .
لحماي نار جاءها منك جنة ... غصون رباها بالبديع تميل .
تهدلت الأفنان منها فخاطري ... له بين هاتيك الظلال مقبل .
فأبدعت فضلاً منك بالحق قاضياً ... وليس له عني بذاك عدول .
وأنت حبيب الشعر أصبحن سيداً ... كما أنني مولى والاسم خليل .
وكنت أجلس أنا وهو عند شباك الكاملية نتذاكر في الجامع الأموي كل ليلة بعد صلاة العصر فغبت بعض الليالي لشغل عرض فكتب إلي : .
أمولاي غبت وخلفتني ... من الهم ذا فكرة خاضعه .
فها أنا بعدك في جامع ... ولكن قلبي في جامعه .
فكتبت الجواب إليه عن ذلك : .
وقفت على نظمك المشتهي ... وعاينت روضه اليانعة .
فكم ألف مثل غصن النقا ... وهمزتها فوقها ساجعه .
أقام على الود لي حجة ... ولكن عن الناس لي قاطعه .
وقد سمع العبد ألفاظها ... فيا حسنها في الحشا واقعه .
وأصبح شكري لها تالياً ... وجملته للثنا جامعه .
ورحت لباب الثنا قارعاً ... إلى أن تصيب العدي قارعه .
فلما وقف عليها وانتهى إلى الرابع منها قال هذا التالي والجامعة ما كانا لي في حساب ولما حضرت من القاهرة أهدى إلي طعام بسلاً فكتبت إليه من أبيات : .
ظننت العبد عن مصر تسلى ... فأهدى جودك الوافي بسلاً .
نعم اذكرتني عيشاً بمصر ... واقبالاً من الدنيا تولى .
طعام فوقه لحم شهي ... إلى كل النفوس فكيف يقلى .
ودهن فوقه قد كان صباً ... تلظت ناره حتى تسلى .
وكتب إلي مع خونجه شرائح : .
شبه المرء من هداياه يدري ... في العلى والسقوط حكماً بحكم .
وكذا في هديتي لي شبه ... حيث أني وتلك قطعة لحم .
وكتبت إليه ملغزاً في باب : .
قل لي ما شيء إذا رمت إن ... تعكسه لم تستطع ذلك .
تراه في طول المدى واقفاً ... في خدمة المملوك والمالك .
ذو حاجب منه محيط به ... وربما اعتاق بأسمالك .
وإن حوى آنفاً يكن طوله ... فأعجب لهذا الأمر في حالك .
كم صاح من طارقة ربما ... حلت به مثل الدجى الحالك .
ولم تزل تقرعه في القفا ... منه ولم يشعر بأفعالك .
وليس شيخاً وهو ذو دورة ... طريقه يعرفها السالك .
تأمنه إن غبت دهراً على ... ما تصطفيه النفس من مالك .
مبن على ضم وفتح معاً ... يجره النفع لأشغالك .
والحشو منسوب إليه ولا ... يعرف ما أحمد من مالك .
وكم يولى صاحباً ظهره ... ومثل ذا العيب رضى آلك .
بينه لا زلت فصيح اللها ... فإنه لم يخف عن بالك .
فكتب إلي الجواب : .
فتحت لي باباً من الودما ... عهدته يرضى بإهمالك .
فحبذا لغزك من فاتح ... ودك لي من بعد اغفالك .
ألغزته في واقف خاضع ... كالعبد في تصريف أفعالك