عجباً له من سابق متأخر ... فات الأواخر ثم فات أوائلا .
دانوه في شبه وما قيسوا به ... من ذا تراه للغمام مساجلا .
ماثل به البحر الخصمّ فإنه ... لا يرتضي خلقاً سواه مماثلا .
وافت عقيلته ولو بذل امرؤ ... فيها استقل من البروج معاقلا .
جاءت شبيه الخود في حللٍ لها ... حمرٍ كنوّار الشقيق مواثلا .
قد خضّبت بدم الحسود أما ترى ... أثر السواد بها عليه دلائلا .
حلل على سحبان تسحب ذيلها ... وتجرّ من طرف الذيول الفاضلا .
حكت الهلال يلوح طلع نقابها ... حتى نضت فرأيت بدراً كاملا .
بنت القريحة ما ونت في خدرها ... حسن المليحة أن تواصل عاجلا .
جاءت تضوع من العناق أساوراً ... لا بل تخوض من السيول خلاخلا .
قبّلتها وأعدت تفبيلي لها ... إن المتيم لا يخاف العاذلا .
وأتت وجيش النوء مرهوب السّطا ... ملأ الوجود له فناً وقبائلا .
والبرق مشبوب الضرام لأنه ... صاد الغزالة حيث مدّ حبائلا .
وافت ورأس الطود يشكو لمةً ... قد عمّمت بالثلج شيباً شاملا .
ملأت به كلّ الفضاء فلا يرى ... إلاّ لجيناً جامداً أو سائلا .
وكأنما نثرت قراضة فضةٍ ... أيدي البروق وقد حرقن أناملا .
والأفق كالكأس المفضض ملؤه ... صهباء قد عقدت حباباً جائلا .
أثناء يومٍ قد تقهقر ضوءه ... وبدا ذبالاً في الأصائل ناحلا .
والجوّ منخرق القميص كأنه ... حنق يقدّ من السحاب غلائلا .
والسيل منحدر يسلّ مهنداً ... إفرنده ذهب يمدّ سلاسلا .
لله أنت أبا الصفاء فإنني ... ألقى خليلاً منك لي ومخاللا .
أنت الذي حلّقت صقراً أجدلا ... وضممت في برديك ليثاً باسلا .
يا من ينفّق سوق كلّ فضيلةٍ ... أسئر فما أبقيت بعدك فاضلا .
ومن مدائحه النبويّة ما أنشدنيه من لفظه ونقلته من خطّه : .
جنحت إليّ مع الأصل المذهب ... والركب ممتدُّ الخطا في المذهب .
واليوم مبيض الإزار وإنّما ... جنب الإزار مطرّز بالغيهب .
والشمس قد همّت لتذهب رهبةً ... لكنّها بقيت لنا لم تذهب .
وعلى الأصائل رقة فكأنما ... لبست نحول العاشق المتلهّب .
والجوّ حيث شممت ينفخ عنبراً ... ويذرّ منه فوق فرق المغرب .
ومبشّر النّوّار جاء مخلّقاً ... لا شكّ قد خطرت نوافح يثرب .
وافى يبشّر بالحمى وبأهله ... يهنيكم هذي المدينة والنبي .
هذي المدينة أشرقت أعلامها ... يهنيكم فوتم بأشرف مطلب .
هذي القباب كأنهن غرائس ... مجلوّة سفرت ولم تتنقّب .
هذي الحائق والنخيل وماؤها ... نم واستظل من الهواجر واشرب .
هذا رسول الله جدّوا نحوه ... تجدوا النوال الجمّ والخلق الأبي .
هذا رسول الله هذا أحمدٌ ... هذا النقي الجيب هذا مطلبي .
هذا صباح المهتدي هذا ربي ... ع المجتبي هذا شفيع المذنب .
هذا النبي الهاشميّ المجتبى ... من نسل إبراهيم أكرم من أب .
هذا المصفّى من سلالة آدم ... الطيب ابن الطيب ابن الطّيب .
شرفت به آباؤه وأتت به ... أبناؤه والكلّ مثل الكوكب .
واختاره الله المهيمن ربّه ... وحباه بالقربى وعزّ المنصب .
آتاه في المعراج فضلاً لم يكن ... لسواه من دون البريّة قد حبي .
يا حبّذا فيه مهاجمة الدجى ... ولو انّه أسد يصول بمخلب .
ودوام إيراد الركاب صوادياً ... والفجر مثل الماء تحت الطحلب .
لتنيخ في باب النبّي محمدٍ ... وتراح من طول المسير المتعب