@ 12 @ الرسول صلى الله عليه وسلم يدفع هذا الاستعجاب بإعلان إيمانه وتصديقه ، ويضم معه أبا بكر وعمر ، وإن كانا غائبين عن المجلس ، لعلمه منهما أنهما لا ينكران ما ثبت بالسند الصحيح لمجرد استبعاده عقلاً . .
وهنا يقال لمنكري التسبيح حقيقة وما المانع من ذلك ؟ أهو متعلق القدرة أم استبعاد العقل لعدم الإدراك الحسي ؟ .
فأما الأول . فممنوع ، لأن الله تعالى على كل شيء قدير . وقد أخرج لقوم صالح ناقة عشراء من جوف الصخرة الصماء ، وأنطق الحصا في كفه صلى الله عليه وسلم . .
وأما الثاني : فلا سبيل إليه حتى ينتظر إدراكه وتحكيم العقل فيه ، فإن الله تعالى قال : { وَلَاكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } . .
فلم يبق إلا الإيمان أشبه ما يكون بالمغيبات . وإيمان تصديق وإثبات لا تكييف وإدراك وخالق الكائنات أعلم بحالها وبما خلقها عليه . .
فيجب أن نؤمن بتسبيح كل ما في السماوات والأرض ، وإن كان مستغرباً عقلاً ، ولكن أخبر به خالقه سبحانه ، وشاهدنا المثال مسموعاً من بعض أفراده . قوله تعالى : { هُوَ الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ } . أجمع المفسرون أنها في بني النضير ، إلا قولاً للحسن أنها في بني قريظة ، ورد هذا القول بأن بني قريظة لم يخرجوا ولم يجلوا ولكن قتلوا . .
وقد سميت هذه السورة بسورة بني النضير ، حكاه القرطبي عن ابن عباس . .
قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس سورة الحشر قال : قل سورة النضير ، وهم رهط من اليهود من ذرية هارون عليه السلام نزلوا المدينة في فتن بني إسرائيل ، انتظاراً لمحمد صلى الله عليه وسلم . .
واتفق المفسرون على أن بني النضير كانوا قد صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يكونوا عليه ولا له ، فلما ظهر يوم بدر قالوا : هو النَّبي الذي نعته في التوراة ، لا ترد له راية ، فلما هزم المسلمون يوم أُحد ارتابوا ونكثوا . فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكباً إلى مكة ، فحالفوا عليه قريشاً عند الكعبة ، فأخبر جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك ، فأمر