@ 13 @ بقتل كعب ، فقتله محمد بن مسلمة غيلة ، وكان أخاه من الرضاعة . وكان النَّبي صلى الله عليه وسلم قد اطلع منهم على خيانة ، حين أتاهم في دية المسلمين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري منصرفه من بئر معونة ، فهموا بطرح الحجر عليه صلى الله عليه وسلم ، فعصمه الله تعالى . .
ولما قتل كعب ، أمر صلى الله عليه وسلم بالمسيرة إليهم ، وطالبهم بالخروج من المدينة ، فاستمهلوه عشرة أيام ليتجهزوا للخروج ، ولكن أرسل إليهم عبد الله بن أبي سراً : لا تخرجوا من الحصن ، ووعدهم بنصرهم بألفي مقاتل من قومه ، ومساعدة بني قريظة وحلفائهم من غطفان ، أو الخروج معهم ، فدربوا أنفسهم ، وامتنعوا بالتحصينات الداخلية . فحاصرهم صلى الله عليه وسلم إحدى وعشرين ليلة . .
وقيل : أجمعوا على الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا له : اخرج في ثلاثين من أصحابك ، ويخرج إليك ثلاثون منا ليسمعوا منك ، فإن صدقوا آمناً كلنا ، ففعل . فقالوا : كيف نفهم . ونحن ستون ؟ أخرج في ثلاثة ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا ، ففعلوا فاشتملوا على الخناجر ، وأرادوا الفتك فأرسلت امرأة منهم ناصحة إلى أخيها ، وكان مسلماً فأخبرته بما أرادوا ، فأسرع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فساره بخبرهم قبل أن يصل صلى الله عليه وسلم إليهم ، فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة ، فقذف الله في قلوبهم الرعب ، وأيسوا من نصر المنافقين الذي وعدهم به ابن أبي ، فطلبوا الصلح فأبى عليهم صلى الله عليه وسلم إلا الجلاء ، على أن يحمل كل أهل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من المتاع إلا الحلقة ، فكانوا يحملون كل ما استطاعوا ولو أبواب المنازل ، يخربون بيوتهم ويحملون ما استطاعوا معهم . .
وقد أوردنا مجمل هذه القصة في سبب نزول هذه السورة لأن عليها تدور معاني هذه السورة كلها ، وكما قال الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في رسالة أصول التفسير : إن معرفة السبب تعين على معرفة التفسير ( وليعلم المسلمون مدى ما جبل عليه اليهود من غدر وما سلكوا من أساليب المراوغة فما أشبه الليلة بالبارحة ) . .
والذي من منهج الشيخ رحمه الله في الأضواء قوله تعالى : { هُوَ الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ } حيث أسند إخراجهم إلى الله تعالى مع وجود حصار المسلمين إياهم . .
وقد تقدم للشيخ رحمه الله نظيره عند قوله تعالى : { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ