@ 82 @ لا مدعوون ، أي : { مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } ، أي : عبادتكم له . وأمّا على أن المصدر مضاف إلى مفعوله فالمخاطبون بالآية مدعوون لا داعون ، أي : ما يعبؤا بكم لولا دعاؤه إياكم إلى توحيده ، وعبادته على ألسنة رسله عليهم الصّلاة والسّلام . .
واعلم أيضًا أن ثلاثة من الأقوال الأربعة المذكورة في الآية مبنيّة على كون المصدر فيها مضافًا إلى فاعله . والرابع : مبني على كونه مضافًا إلى مفعوله . .
أمّا الأقوال الثلاثة المبنيّة على كونه مضافًا إلى فاعله . .
فالأوّل منها أن المعنى : { مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } ، أي : عبادتكم له وحده جلَّ وعلا ، وعلى هذا القول فالخطاب عام للكافرين والمؤمنين ، ثم أفرد الكافرين دون المؤمنين بقوله : { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } . .
والثاني منها : أن المعنى : { لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } أيها الكفار له وحده عند الشدائد والكروب ، أي : ولو كنتم ترجعون إلى شرككم ، إذا كشف الضرّ عنكم . .
والثالث : أن المعنى { مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى } ، أي : ما يصنع بعذابكم ، { لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } معه آلهة أخرى ، ولا يخفى بُعد هذا القول ، وأن فيه تقدير ما لا دليل عليه ، ولا حاجة إليه . .
أمّا القول الرابع المبنى على أن المصدر في الآية ، مضاف إلى مفعوله فهو ظاهر ، أي : { مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ } دعاؤه إياكم على ألسنة رسله . .
وإذا عرفت هذه الأقوال ، فاعلم أن كل واحد منها ، قد دلَّ عليه قرءان وسنبيّن هنا إن شاء اللَّه تعالى دليل كل قول منها من القرءان مع ذكر ما يظهر لنا أنه أرجحها . .
أمّا هذا القول الأخير المبني على أن المصدر في الآية مضاف إلى مفعوله ، وأن المعنى : { مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ } دعاؤه إياكم إلى الإيمان به وتوحيده وعبادته على ألسنة رسله ، فقد دلّت عليه آيات من كتاب اللَّه ؛ كقوله تعالى في أوّل سورة ( هود ) : { وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ، وقوله تعالى في أوّل سورة ( الكهف ) : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الاْرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } ، وقوله في أوّل سورة ( الملك ) :