وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال الخطابي C : وتخصيص الخمر بهذه الأشياء الخمسة ليس لأجل أن الخمر لا يكون إلا في الأشياء الخمسة بأعيانها وإنما جرى ذكرها خصوصا لكونها معهودة في ذلك الزمان فكل ما يكون في معناه من ذرة أو سلف أو عصارة شجرة . فحكمها حكم هذه الخمسة . كما أن تخصيص الأشياء الستة بالذكر في الربا لا يمنع من ثبوت حكم الربا في غيرها .
وحجتهم الثالثة : .
روى أبو داود أيضا عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله A : ( كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ) .
قال الإمام الخطابي : قوله E ( كل مسكر خمر ) . دل على وجهين : .
أحدهما : أن الخمر اسم لكل ما وجد منه السكر من الأشربة كلها والمقصود منه أن الآية لما دلت على تحريم الخمر كان مسمى مجهولا للقوم أو يكون معناه أنه كالخمر في الحرمة .
وحجتهم الرابعة : .
روى أبو داود عن عائشة Bها قالت : سئل رسول الله A عن البتع فقال : ( كل شراب أسكر فهو حرام ) .
والبتع شراب يتخذ من العسل وفيه إبطال كل تأويل يذكره أصحاب تحليل الأنبذة . وإفساد قول من قال : إن القليل من المسكر مباح لأنه عليه السلام سأل عن نوع واحد من الأنبذة . فأجاب عنه بتحريم الجنس فيدخل فيه القليل والكثير منها ولو كان هناك تفصيل في شيء من أنواعه ومقاديره لذكره A ولم يهمله .
وحجتهم الخامسة : ما رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله Bهما قال : قال رسول الله A : ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) ورواه أحمد وابن ماجة والدارقطني وصححه عن ابن عمر وكذا أحمد والنسائي من حديث عمرو .
وحجتهم السادسة : ما روي عن القاسم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهما قالت : سمعت رسول الله A يقول : ( كل مسكر حرام . وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام ) رواه أحمد والفرق مكيال يسع ستة عشر رطلا وفي رواية الإمام أحمد في الأشربة بلفظ ( فالأوقية منه حرام ) وذكر ملء الكف والأوقية في الحديث على سبيل التمثيل وإلا فهو شامل للقطرة الواحدة . لما روي عن النبي A أنه قال : ( حرمت الخمر قليلها وكثيرها . والسكر من كل شراب ) أخرجه النسائي .
وحجتهم السابعة : ما رواه أبو داود عن شهر بن حوشب عن أم سلمة Bها أنها قالت : ( نهى رسول الله A عن كل مسكر ومفتر ) والمفتر كل شراب يورث الفتور في الجسم والخمول في الأعضاء وهذا ل شك متناول لجميع أنواع الأشربة المسكرة والمفترة لأعضاء الجسم .
وما رواه النسائي والدار قطني عن سعد بن أبي وقاص Bه : ( أن النبي A نهى عن قليل ما أسكر كثيره ) .
وما روي عن ابن عمر Bهما أن النبي A أتى برجل قد سكر من نبيذ تمر فجلده أي أقام عليه حد الخمر فهذا دليل صريح في أن نبيذ الخمر إذا أسكر أخذ حكم الخمر المصنوع من العنب .
وما روي عن ابن هريرة Bه عن النبي A ( الخمر من هاتين الشجرتين النخل ) رواه الجماعة إلا البخاري وما روي عن انس رضي الله تعالى عنه قال : ( إن الخمر حرمت والخمر يومئذ البسر والتمر ) متفق عليه .
وما روي عن جابر Bه ( أن رجلأمن جيشان وجيشان من اليمن - سأل النبي A عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر فقال : أمسكر هو ؟ قال : نعم . فقال : كل مسكر حرام . إن على الله عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال - قالوا : يارسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار رواه أحمد ومسلم والنسائي فهذا يدل على تحريم كل مسكر ولو كان من غير عصير العنب فإن النبي A قال : ( كل مسكر حرام ) ولم يذكر نوع الشراب ولم يحدده . فهذه الأحاديث التي ذكرناها وغيرها ممن لم نذكره دالة على أن كل مسكر فهو حرام .
النوع الثاني من الأدلة على أن كل مسكر حرام سواء أكان من عصير العنب أم من غيره من أنواع الأنبذة التمسك بكلام أهل اللغة . فقد قالوا : إن الخمر ما خامر العقل - أي غطاه وخالطه فلم يتركه على حاله - والعقل هو الجوهرة التي كرم الله بها بني لآدم على جميع خلقه وسلطه بسببها على ما في الأرض والتمتع بها والتمكن من الصناعات وغيرها . وقوة الإدراك بها العلوم والمعارف . ولشرفها ومكانتها حرم الله تعالى الخمر التي تغطيها وتخامرها قال ابن الأنباري : سميت خمرا لأنها تخامر العقل أي تخالطه . كما سميت مسكرا لأنها تسكر العقل أي تحجزه وتمنع وصول نوره إلى الأعضاء .
قال الراغب في كتابه " مفردات القرآن " . سمي الخمر لكونه خامرا للعقل أي ساترا له . وهو عند بعض الناس اسم لكل مسكر . وعند بعضهم للمتخذ من العنب خاصة . وعند بعضهم المتخذ من العنب والتمر .
وعند بعضهم لغير المطبوخ رجح أنه اسم لكل شيء ستر العقل . وكذا قال غير واحد من أهل اللغة منهم الدينوري والجوهري .
قال صاحب الهداية من الحنفية : الخمر ما اعتصر من ماء العنب إذا اشتد وهو المعروف عند أهل اللغة وأهل العلم . قال : وقيل هو اسم لكل مسكر لقوله A : ( كل مسكر خمر ) ولأنه من مخامرة العقل وذلك موجود في كل مسكر قال : ولنا إطباق أهل اللغة على تخصيص الخمر بالعنب ولهذا اشتهر استعمالها فيه ولأن تحريم الخمر قطعي وتحريم ماعدا المتخذ من العنب ظني قال : وإنما يسمى الخمر خمرا لتخمره لا لمخامرة العقل قال : ولا ينافي ذلك كون الاسم خاصا فيه كما في النجم فإنه مشتق من الطهور ثم هو خاص بالثرايا اه .
قال في الفتح والجواب عن الحجة الأولى ثبوت النقل عن بعض أهل اللغة بأن غير المتخذ من العنب يسمى خمرا وقال الخطابي : زعم قوم أن العرب لا تعرف الخمر إلا من العنب فيقال لهم : إن الصحابة الذين سموا غير المتخذ من العنب خمرا عرب فصحاء فلو لم يكن هذا الاسم صحيحا لما أطلقوه .
وقال ابن عبد البر : قال الكوفيون : الخمر من العنب لقوله تعالى : { أعصر خمرا } فقالوا : فدل على أن الخمر هو ما يعصر لا ما ينبذ قال : ولا دليل فيه على الحصر . قال أهل المدينة وسائر الحجازيين وأهل الحديث كل مسكر خمر وحكمه حكم ما اتخذ نم العنب فيكفر مستلها وتصير نجسة ولا قيمة لها في حق المسلم ولا يجوز بيعها ولا الانتفاع بها .
وقال القرطبي : الأحاديث الواردة عن أنس وغيره على صحتها وكثرتها يبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إلا من العنب وما كانت من غيره فلا تسمى خمرا ولا يتناولها اسم الخمر وهو قول مخالف للغة العرب والسنة الصحيحة وللصحابة الفصحاء لأنهم لما نزل تحريم الخمر فهموا من الأمر باجتناب الخمر تحريم كا مسكر ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب وبين ما يتخذ من غيره بل سووا بينهما ولم يتوقفوا ولم يشكل عليهم شيء من ذلك بل بادروا إلى إتلاف ما كان من عصير العنب وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن الكريم فلو كان عندهم فيه تردد لتوقفوا عن الإراقة حتى يستكشفوا الأمر فلما لم يفعلوا ذلك بل بادروا إلى إتلاف الجميع علمنا أنهم فهموا التحريم ثم انضاف إلى ذلك خطبة عمر بما يوافق ذلك ولم ينكر عليه أحد من الصحابة .
وقد ذهب إلى التعميم الإمام علي كرم الله وجهه وسيدنا عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وابن عباس والسشيدة عائشة رضوان الله عليهم أجمعين . وذهب إلى التعميم من التابعين الإمام ابم المسيب وعروة والحسن البصري وسعيد بن جبير وأخرون وهو قول مالك والأوزاعي والثوري وابن مبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وعامة أهل الحديث رحمهم الله تعالى .
قال في الفتح : ويمكن الجمع بين القولين بأن من أطلق ذلك على غير المتخذ من العنب حقيقة يكون أراد الحقيقة الشرعية ومن نفى أراد الحقيقة اللغوية .
وقد أجاب بهذا ابن عبد البر وقال : إن الحكم إنما يتعلق بالاسم الشرعي دون اللغوي .
وقد تقرر أن نزول القرآن بتحريم الخمر وهي من البسر ذاك فيلزم من قال : إن الخمر حقيقة في ماء العنب مجاز في غيره أن يكون إطلق اللفظ الواحد على حقيقته ومجازه لأن الصحابة لما بلغهم بلغتهم تحريم الخمر أراقوا كل ما يطلق عليه لفظ الخمر حقيقة ومجازا وهو ذلك فصح أن الكل خمر حقيقة و انفكاك عن ذلك .
وذكر الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره لآية تحريم الخمر ما نصه : ( واعلم أن من أنصف وترك الاعتساف علم أن هذه الآية نص صريح في أن كل مسكر حرام وذلك لأنه تعالى لما ذكر قوله : { أنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة } قال بعده : { فهل أنتم منتهون } فرتب النهي عن شرب الخمر على كون الخمر مشتملة على تلك المفاسد ومن المعلوم في بدائه العقول أن تلك المفاسد إنما تولدت من كونها مؤثرة في السكر وهذا يفيد القطع بأن القطع علة قوله { فهل أنتم منتهون } هي كون الخمر مؤثرة في الإسكار وإذا ثبت هذا وجب القطع بأن كل مسكر حرام ومن أحاط عقله بهذا التقدير وبقي مصرا على قوله فليس لعناده علاج .
الحنيفية - احتجوا على قولهم : بأن نبيذ الحنطة والتين والأرز والشعير والذرة والعسل وغيره حلال نقيعا ومطبوخا إذا لم يسكر ولا يحد شاربه حتى يسكر منه ولا يكفر مستحله مثل الخمر واحتجوا على رأيهم هذا بأدلة .
أحدها - قوله تعالى : { ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا } فقد من الله تعالى على عباده باتخاذ السكر من النخيل والأعناب وما نحن فيه سكر ورزق حسن فوجب أن يكون مباحا لأن المنة لا تكون إلا بالمباح .
ثانيها - ما روي عن ابن عباس Bهما أن رسول الله A أتى السقاية عام حجة الوداع فاستند إليها وقال : ( اسقوني فقال العباس : ألا أسقيك مما نبذ في بيوتنا ؟ فقثال : ما تقي الناس فجاءه بقدح من النبيذ فشمه فقطب وجهه ورده فقال العباس : يا رسول الله أفسدت على أهل مكة شرابهم فقال النبي A : ردوا علي القدح فردوه عليه فدعا بماء زمزم وصب عليه وشرب وقال : إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة فاقطعوا غلمتها بالماء ) .
ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن التقطيب لا يكون إلا من التغير الشديد ولأن المزج بالماء كان لقطع هذه الشدة وشربه لها دليل حلها بالنص .
ثالثها - التمسك بآثار الصحابة رضوان الله علهيم وأن اسم الخمر المحرم شربه إنما هو من عصير العنب والتمر إذا غلي واشتد وقذف بالربد وهو محرم بالدليل القطعي بالكتاب والسنة وإجماع الأمة والتواتر وبحكم بفسق من استحل ما عدا خمر الشجرتين وتحريم سائر المسكرات بالسنة والقياس فقط .
والراجح من هذه الأقوال : .
أن كل شراب يسكر كثيره فشرب قليله حرام ويسمى خمرا وفي شربه الحد سواء أكان الشراب من عصير العنب أو التمر أو الزبيب أو الحنطة أو الشعير أو التين أو الذرة أو الأرز أو العسل أو اللبن أو غيرها نيئا كان أو مطبوخا وسواء أتعاطاه شرابا او غيره . وسواء جامده أو مائعه وسواء تناوله معتقدا تحريمه أم إباحته . لضغف أدلة الإباحة . وذلك القول هو المعول عليه عند أكثر العلماء خصوصا في هذا الزمان الذي فسدت فيه النفوس - وضعف الوازع الديني وكثرت فيه أنواع المشروبات الروحية المسكرة وسموها بأسماء براقة . مثل " البيرة " ومثل " البوظة " " القات " ومثل " التنكة " ومثل " العرقي " وغير ذلك مما يستحله أهل هذا العصر وهو حرام لأن كثيره يسكر وهو وخمر وصدق رسول الله A حينما أخبر بما سيحدث في هذا الزمان حيث قال رسول الله A كما روي عن أبي مالك الأشعري Bه أنه سمع النبي A يقول : ( ليشربن أناس من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه ) رواه الإمام أحمد وابن ماجة وقال : تشرب مكان تستحل .
وعن أبي أمامة Bه أنه قال : ( قال رسول الله A : لاتذهب الليالي والأيام حتى تشرب طائفة من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها ) رواه ابن ماجة C تعالى .
وعن ابن محيريز عن رجل من أصحاب النبي A عن النبي A قال : ( يشرب ناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير أسمائها ) رواه النسائي C تعالى .
فهذه الأحاديث وغيرها من الأدلة القاطعة بصدق نبوة الرسول صلوات الله وسلامه عليه لأنه أخبر بما يحدث في المستقبل وهو لا ينطق عن الهوى . وظهر ما أخبر عنه النبي A من أنواع المشروبات في هذا الزمان .
حكم شرب العصير قبل أن يشتد .
اختلف العلماء في حكم العصير . إذا مضى عليه ثلاثة أيام وهو نئ ولم يغلي ولم يشتد ويقذف بالزبد .
الحنفية والمالكية والشافعية - قالوا : إذا مضى على العصير لاثلاثة أيام أو أقل . ولم يغلي ولم يشتد . ولم يقذف بالزبد لا يصير خمرا وحل شربه إنه في هذه الحالة يكون غير مسكر .
( يتبع . . . )