وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( تابع . . . 1 ) : قال Bه رجل دفع مالا إلى رجل ليحج به عن الميت فلم .
قال والحج التطوع جائز عن الصحيح يريد به أن الصحيح البدن إذا أحج رجلا بماله على سبيل التطوع عنه فهو جائز لأن هذا انفاق المال في طريق الحج ولو فعله بنفسه كان طاعة عظيمة فكذلك إذا صرفه إلى غيره ليفعله عنه يكون جائزا وكونه صحيحا لا يمنعه عن أداء التطوع بهذا الطريق وإن كان يمنعه عن أداء الفرض لأن في التطوع الأمر موسع عليه ألا ترى أن في الصلاة يجوز التطوع قاعدا مع القدرة على القيام وإن كان لا يجوز ذلك في الفرض فكذا هنا في حجة الإسلام والحاصل أن العبادات المالية المقصود منها صرف المال إلى سد خلة المحتاج وذلك يحصل نيابة فيجوز الإنابة فيها في حالة الاختيار والضرورة والعبادات البدنية المحضة المقصود منها إما التعظيم بالجوارح كالصلاة وإما إتعاب النفس الأمارة بالسوء ابتغاء مرضاة الله تعالى وذلك لا يحصل بالنائب أصلا ولا تجري النيابة في أدائها والحج فيه المعنيان جميعا معنى التعظيم للبقعة وذلك بالنائب يحصل ومعنى تحمل المشقة للتوسل إلى أدائها وذلك بالنائب لا يحصل فلا تجزئ النيابة فيها عند القدرة على الأداء بنفسه لانعدام أحد المعنيين في الأداء بالنائب وتجزى النيابة فيها عند تحقق العجز عن الأداء بالبدن .
لحصول أحد المعنيين بالنائب وفي العبادات البدنية المعتبر الوسع ولا يعتبر العجز للحال لأن الحج فرض العمر فيعتبر فيه عجز مستغرق لبقية العمر ليقع به اليأس عن الأداء بالبدن فقلنا إن كان عجزه بمعنى لا يزول أصلا كالزمانة يجوز الأداء بالنائب مطلقا وإن كان عارضا يتوهم زواله بأن كان مريضا أو مسجونا فإذا أدى بالنائب كان ذلك مراعى فإن دام به العذر إلى أن مات تحقق اليأس عن الأداء بالبدن فوقع المؤدي موقع الجواز وإن برئ من مرضه تبين أنه لم يقع فيه اليأس عن الأداء بالبدن فكان عليه حجة الإسلام والمؤدي تطوع له والمال جعل خلفا عن القدرة على الأداء بالبدن في جواز الأداء به بعد تقرر الوجوب فأما في ثبوت حكم الوجوب بسببه ففيه اختلاف العلماء فالمذهب عندنا أن المعضوب والمقعد والزمن لا يجب عليه الحج باعتبار ملك المال وعلى قول " الشافعي " - C تعالى - يجب وهو رواية " الحسن " عن " أبي حنيفة " - رحمهما الله تعالى - وحجته في ذلك حديث " الخثعمية " حيث قالت إن فريضة الله الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة فقولها شيخا كبيرا نصب على الحال يعني لزمه الحج في هذه الحالة ولم ينكر عليها رسول الله - A - ذلك فدل أن الحج يجب على المعضوب والمقعد والزمن والمعنى فيه أن شرط الوجوب التمكن من أداء الواجب بالمال فإذا جاز أداء الواجب بالمال عند العجز عن الأداء بالبدن عرفنا أن شرط الوجوب يتم به .
وإذا جاز بقاء الواجب بعد وقوع اليأس عن الأداء بالبدن يؤدى بالمال فكذلك يثبت الوجوب بالبدن ابتداء بهذه الصفة كالصوم في حق الشيخ الفاني يجب باعتبار بدله وهو الفدية وحجتنا في ذلك قوله تعالى : { " من استطاع إليه سبيلا " } فإنما أوجب الله تعالى الحج على من يستطيع الوصول إلى بيت الله تعالى والزمن لا يستطيع الوصول إلى بيت الله تعالى فلا يتناوله هذا الخطاب ثم رسول الله - A - جعل الشرط ما لا يوصله إلى البيت بقوله من وجد زادا وراحلة يبلغانه بيت الله تعالى وزاد المعضوب وراحلته لا يبلغانه بيت الله تعالى فصار وجوده كعدمه ولأن المقصود بهذه العبادة تعظيم البقعة بالزيارة والمال شرط ليتوسل به إلى هذا المقصود وما هو المقصود فائت في حق المعضوب ولا يعتبر وجود الشرط لأن الشرط تبع والتبع لا يقوم مقام الأصل في إثبات الحكم به ابتداء وإن كان يبقى الحكم بعد ثبوته باعتباره واعتبار الابتداء بالبقاء فاسد فإنه إذا افتقر بهلاك ماله بعدما وجب الحج عليه يبقى واجبا ثم لا يجب ابتداء على الفقير وليس هذا نظير الفدية في حق الشيخ الفاني لأنه بدل عن أصل الصوم بالنص فيجوز أن يجب الأصل باعتبار البدل وهناك المال ليس ببدل عن أصل الحج ألا ترى أنه لا يتأدى بالمال وإنما يتأدى بمباشرة النائب بالحج عنه فإذا لم يكن المال بدلا عن أصل الحج لا يثبت الوجوب باعتباره والروايات اختلفت في الخثعمية ففي بعضها قالت هو شيخ كبير وهذا بيان أنه في الحال بهذه الصفة لا أنه في وقت الوجوب بهذه الصفة ثم مرادها أن تزول فريضة الحج عنه في حال كونه شيخا لا أنه وجب عليه .
ولظاهر هذا الحديث قال " الشافعي " - C تعالى - : المعضوب الذي لا مال له إذا بذل ولده له الطاعة ليحج عنه يلزمه فرض الحج وبطاعة غيره من القرابات لا يلزمه لأن الخثعمية لما بذلت الطاعة " جعل رسول الله - A - الحج دينا على أبيها بقوله فدين الله أحق " ولم يستفسر أنه غني أو فقير فدل أن بذل الولد الطاعة يلزمه الحج وهذا لأن الولد كسبه فيكون بمنزلة ماله فكما أن القدرة على الأداء بالمال تكفي للايجاب عنده فكذلك القدرة بمنفعة الابن الذي هو كسبه وهذا لأنه ليس للولد في هذه الطاعة كثير منه على أبيه بخلاف سائر القرابات فإن ذلك لا يخلو عن منة وحجتنا في ذلك أن الولد متبرع في بذل هذه الطاعة كغيره فلا يجوز أن يكون تبرعه موجبا للحج على الأب . ألا ترى أن الابن لو بذل المال لأبيه لا يلزمه قبوله ولا يجب الحج باعتبار هذا البذل فكذلك ببذل الطاعة بل أولى لأن هناك لم يكن للابن أن يرجع بعد ذلك ليتمكن الأب من مكافأته إذا استفاد مالا وهنا للابن أن يرجع عما بذل من الطاعة فإذا لم يجب الحج على الوالد ببذل الولد المال فببذله الطاعة أولى وعلى الأصل الذي قلنا إن المعتبر استطاعة توصله إلى البيت يتضح الكلام في هذه المسألة .
وعلى هذا الأصل قال " أبو حنيفة " - C تعالى - : الأعمى لا يلزمه الحج وإن وجد مالا وقائدا وعلى قول " أبي يوسف " و ا ا " محمد " - رحمهما الله تعالى - يلزمه ذلك وهو رواية " الحسن " عن " أبي حنيفة " - رحمهما الله تعالى - وجه قولهما أن الأعمى متمكن من الأداء ببدنه ولكنه محتاج إلى قائد يهديه إلى ذلك فيكون بمنزلة الضال والذي ضل الطريق إذا وجد من يهديه إلى الطريق يلزمه الحج و " أبو حنيفة " C تعالى يقول هو عاجز عن الوصول إلى البيت بنفسه فكان بمنزلة المعضوب وهذا لأن ملك المال إنما يعتبر إذا كان يوصله إلى البيت والمال هنا لا يوصله إليه وبذل القائد الطاعة غير معتبر فكان وجود ذلك كعدمه فلهذا لا يلزمه الحج وأما إذا مات الرجل فأوصى بأن يحج عنه فعلى الوصي أن يحج بماله لأن بموته تحقق العجز عن الأداء بالبدن والوصي قائم مقامه فكما أنه بعد وقوع اليأس بماله في حياته فكذا وصيه تقوم مقامه بعد موته والأولى أن يحجج الوصي بماله رجلا فإن حجج امرأة جاز مع الكراهة لأن حج المرأة أنقص لأنه ليس فيه رمل ولا سعي في بطن الوادي ولا رفع الصوت بالتلبية ولا الحلق فكان إحجاج الرجل عنه أكمل من إحجاج المرأة .
قال وإن أحج بماله رجلا فجامع ذلك الرجل في إحرامه قبل الوقوف " بعرفة " فقد فسد حجه وهو ضامن للنفقة لأنه أمر بإنفاق المال في سفر يؤدي به حجا صحيحا فبالإفساد يصير مخالفا فيكون ضامنا للنفقة وعليه المضي في الفاسد والدم وقضاء الحج وبهذا استدل ا ا " محمد " - C تعالى - أن أصل الحج يكون للحاج حتى إن القضاء عليه عند الإفساد دون المحجوج عنه فأما على ظاهر الرواية إذا وافق فالحج عن المحجوج عنه ألا ترى أنه لا بد له من أن ينوي عن المحجوج عنه ولكن إذا خالف خرج من أن يكون بأمر المحجوج عنه فكان واقعا عن نفسه فعليه موجبه كالوكيل بالشراء إذا وافق كان مشتريا لأمره ولو خالف كان مشتريا لنفسه .
قال ولو قرن مع الحج عمرة كان مخالفا ضامنا للنفقة عند " أبي حنيفة " رحمه تعالى وعندهما لا يصير مخالفا استحسانا لأنه أتى بالمأمور به وزاد عليه ما يجانسه فلا يصير به مخالفا كالوكيل بالبيع إذا باع بأكثر مما سمى له من جنسه توضيحه أن القران أفضل من الإفراد وبالقران زاد للميت خيرا فلا يكون مخالفا و " أبو حنيفة " C تعالى يقول هو مأمور بإنفاق المال في سفر مجرد للحج وسفره هذا ما تفرد للحج بل للحج والعمرة جميعا فكان مخالفا كما لو تمتع ولأن العمرة التي زادها لا تقع عن الميت لأنه لم يأمره بذلك ولا ولاية عليه للحاج في أداء النسك عنه إلا بقدر ما أمره ألا ترى أنه لو لم يأمره بشيء لم يجز أداؤه عنه فكذلك إذا لم يأمره بالعمرة فإذا لم تكن عمرته عن الميت صار كأنه نوى العمرة عن نفسه وهناك يصير مخالفا فكذا هنا إلا أنه ذكر " ابن سماعة " عن " أبي يوسف " - رحمهما الله تعالى - أنه وإن نوى العمرة عن نفسه لا يصير مخالفا ولكن يرد من النفقة بقدر حصة العمرة التي أداها عن نفسه وذهب في ذلك إلى أنه مأمور بتحصيل الحاج للميت بجميع النفقة فإذا ضم إليه عمرة نفسه فقد حصل الحج للميت ببعض النفقة وبهذا لا يكون مخالفا كالوكيل بشراء عبد بألف إذا اشتراه بخمسمائة ولكن هذا ليس بشيء فإنه مأمور بأن يجرد السفر للميت فإذا اعتمر لنفسه لم يجرد السفر للميت ثم الذي يحصل للميت ثواب النفقة فبقدر ما ينتقص به ينتقص من الثواب فكان هذا الخلاف ضررا عليه لا منفعة له ثم دم القران عندهما يكون على الحاج من مال نفسه وكذلك عند " أبي حنيفة " - C تعالى - إذا كان مأمورا بالقران من جهة الميت حتى لم يصر مخالفا لأن دم القران نسك وسائر المناسك عليه فكذلك هذا النسك ولأن لهذا الدم بدلا وهو الصوم ولو كان معسرا لم يشكل أن الصوم عليه دون المحجوج عنه فكذلك الهدي يكون عليه .
قال وكذلك لو أمر بالعمرة عن الميت فقرن معها حجة فهو على الخلاف الذي ذكرنا إلا أن على قولهما نفقة ما بقي من الحج بعد أداء العمرة يكون على الحاج خاصة لأنه في ذلك عامل لنفسه لا للميت فلا يستوجب النفقة في مال الميت وبهذا الفصل يتضح كلام " أبي حنيفة " - C تعالى - على ما بينا .
قال وإذا كان أمر بالحج فبدأ واعتمر في أشهر الحج ثم حج من " مكة " كان مخالفا في قولهم جميعا لأنه مأمور بأن يحج عن الميت من الميقات والمتمتع يحج من جوف " مكة " فكان هذا غير ما أمر به ولأنه مأمور بالانفاق في سفر يعمل فيه للميت وإنما أنفق في سفر كان عاملا فيه لنفسه لأن سفره إنما كان للعمرة وهو في العمرة عامل لنفسه .
( يتبع . . . )