وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقرن بالفاء خبر الموصولين من قوله ( فاستشهدوا ) وقوله ( فآذوهما ) لأن الموصول أشرب معنى الشرط تنبيها على أن صلة الموصول سبب في الحكم الدال عليه خبره فصار خبر الموصول مثل جواب الشرط ويظهر لي أن ذلك عندما يكون الخبر جملة وغير صالحة لمباشرة أدوات الشرط بحيث لو كانت جزاء للزم اقترانها بالفاء . هكذا وجدنا من استقراء كلامهم وهذا الأسلوب إنما يقع في الصلات التي تومئ إلى وجه بناء الخير لأنها التي تعطي رائحة التسبب في اخبر الوارد بعدها . ولك أن تجعل دخول الفاء علامة على كون الفاء نائبة عن ( أما ) .
A E ومن البين أن إتيان النساء بالفاحشة هو الذي سبب إمساكهن في البيوت وإن كان قد بنى نظم الكلام على جعل ( فاستشهدوا عليهن ) هو الخبر لكنه خبر صوري وإلا فإن الخبر هو ( فامسكوهن ) لكنه جيء به جوابا لشرط هو متفرع على ( فإن شهدوا ) ففاء ( فاستشهدوا ) هي الفاء المشبهة لفاء الجواب وفاء ( فإن شهدوا ) تفريعية وفاء ( فامسكوهن ) جزائية ولولا قصد الاهتمام بإعداد الشهادة قبل الحكم بالحبس في البيوت لقيل : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فامسكوهن في البيوت إن شهد عليهن أربعة منكم .
( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فألئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما [ 17 ] وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما [ 18 ] ) استطراد جر إليه قوله ( فإن تابا ,اصلحا فأعرضوا عنهما ) . والتوبة تقدم الكلام عليها مستوفى في قوله في سور آل عمران ( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم ) .
و ( إنما ) للحصر .
و ( على ) هنا حرف للاستعلاء المجازي بمعنى التعهد والتحقق كقولك : علي لك كذا فهي تحقق التعهد . والمعنى : التوبة تحق على الله وهذا مجاز في تأكيد الوعد بقبولها حتى كالحق على الله ولا شيء بواجب على الله إلا وجوب وعده بلفظه . قال ابن عطية : إخباره تعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء سمعا وليس وجوبا .
وقد تسلط الحصر على الخبر وهو ( للذين يعملون ) وذكر له قيدان وهما ( بجهالة ) و ( من قريب ) . والجهالة تطلق على سوء المعاملة وعلى الإقدام على العمل دون روية وهي ما قابل الحلم ولذلك تطلق الجهالة على الظلم . قال عمرو بن كلثوم : .
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا وقال تعالى حكاية عن يوسف ( وإلا تصرف كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ) . والمراد هنا ظلم النفس وذكر هذا القيد هنا لمجرد تشويه عمل السوء فالباء للملابسة إذ لا يكون عمل السوء إلا كذلك . وليس المراد بالجهالة ما يطلق عليه اسم الجهل وهو انتفاء العلم بما فعله لأن ذلك لا يسمى جهالة . وإنما هو معاني لفظ الجهل ولو عمل أحد معصية وهو غير عالم بأنها معصية لم يكن آثما ولا يجب عليه إلا أن يتعلم ذلك ويتجنبه .
وقوله ( من قريب ) ( من ) فيه للابتداء و ( قريب ) صفة لمحذوف أي من زمن قريب من وقت عمل السوء .
وتأويل بعضهم معنى ( من قريب ) بأن القريب هو ما قبل الاحتضار وجعلوا قوله بعده ( حتى إذا حضر أحدهم الموت ) يبين المراد من معنى ( قريب ) .
واختلف المفسرون من السلف ومن بعدهم في أعمال مفهوم القيدين ( بجهالة ) و ( من قريب ) حتى قيل إن حكم الآية منسوخ بآية ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) والأكثر على أن قيد ( بجهالة ) كوصف كاشف لعمل السوء لأن المراد عمل السوء مع الإيمان . فقد روى عبد الرزاق عن قتادة قال : اجمع أصحاب محمد A فرأوا أن كل عمل عصي الله به فهو جهالة عمدا كان أو غيره .
والذي يظهر أنهما قيدان ذكرا للتنبيه على أن شأن المسلم أن يكون عمله جاريا على اعتبار مفهوم القيدين وليس مفهومهما بشرطين لقبول التوبة وان قوله تعالى ( وليست التوبى للذين يعملون السيئات ) إلى ( وهم كفار ) قسيم لمضمون قوله ( إنما التوبة على الله ) إلخ ولا واسطة بين هذين القسمين