وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( فإن كان له اخوة فلأمه السدس ) أي إن كان اخوة مع الأبوين وهو صريح في أن الاخوة يحجبون الأم فينقلونها من الثلث إلى السدس . والمذكور في الآية صيغة جمع فهي ظاهرة في أنها لا ينقلها إلى السدس إلا جماعة من الاخوة ثلاثة فصاعدا ذكورا أو مختلطين . وقد اختلف فيما دون الجمع وما إذا كان الاخوة إناثا : فقال الجمهور الأخوان يحجبان الأم والأختان أيضا وخالفهم ابن عباس أخذا بظاهر الآية . أما الأخ الواحد أو الأخت فلا يحجب الأم والله أعلم بحكمه ذلك . واختلفوا في السدس الذي يحجب الاخوة عنه الأم : هل يأخذه الاخوة أم يأخذه الأب فقال بالأول ابن عباس Bه وهو أظهر وقال بالثاني الجمهور بناء على أن الحاجب قد يكون محجوبا . وكيفما كان فقد اعتبر الله للأخوة حظا مع وجود الأبوين في حالة خاصة ولو كان الاخوة مع الأم ولم يكن أب لكان للأم السدس وللأخوة بقية المال باتفاق وربما كان في هذا تعضيد لابن عباس .
( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) المجرور في موضع الحال فهو ظرف مستقر وهو قيد يرجع إلى الجمل المتقدمة : أي تقتسمون المال على حسب تلك الأنصباء لكل نصيبه حالة كونه من بعد وصية أو دين .
وجيء بقوله ( من بعد وصية يوصى بها أو دين ) بعد ذكر صنفين من الفرائض : فرائض الأبناء وفرائض الأبوين لأن هذين الصنفين كصنف واحد إذ كان سببهما عمود النسب المباشر . والمقصد هنا التنبيه على أهمية الوصية وتقدمها . وإنما ذكر الدين بعدها تتميما لما يتعين تقديمه على الميراث مع علم السامعين أن الدين يتقدم على الوصية أيضا لأنه حق سابق في مال الميت لأن المدين لا يملك من ماله إلا ما هو فاضل عن دين دائنه . فموقع عطف ( أو دين ) موقع الاحتراس ولأجل هذا الاهتمام كرر الله هذا القيد أربع مرات في هذه الآيات .
ووصف الوصية بجملة ( يوصي بها ) لئلا يتوهم أن المراد الوصية التي كانت مفروضة قبل شرع الفرائض وهي التي في قوله ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) . وقرأ الجمهور ( يوصي بها ) في الموضعين في هذه الآية بكسر الصاد والضمير عائد إلى معلوم من الكلام وهو الميت كما عاد الضمير ( ما ترك ) وقرأه ابن كثير وابن عامر وأبو بكر عن عاصم في الموضعين أيضا : يوصى بفتح الصاد مبينا للنائب أي يوصي بها موص .
( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله أن الله كان عليما حكيما [ 11 ] ) ختم هذه الفرائض المتعلقة بالأولاد والوالدين وهي أصول الفرائض بقوله ( آباؤكم وأبناؤكم ) الآية فهما إما مسند إليهما قدما للأهتمام وليتمكن الخبر في ذهن السامع إذ يلقي سمعه عند ذكر المسند إليهما بشراشره وإما أن تجعلهما خبرين عن مبتدأ محذوف هو المسند اليه على طريقة الحذف المعبر عنه عند علماء المعاني بمتابعة الاستعمال وذلك عندما يتقدم حديث عن شيء ثم يراد جمع الخبر عنه كقول الشاعر : .
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت بعد قوله : .
سأشكر عمرا إن تداينت منيتي ... أيادي تمنن وإن هي جلت A E أي : المذكورون آباؤكم وأبناؤكم لاشك في ذلك . ثم قال ( لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) فهو إما مبتدأ وإما حال بمعنى أنهم غير مستوين في نفعكم متفاوتون تفاوتا يتبع الشفقة الجبلية في الناس ويتبع البرور ومقدار تفوت الحاجات . فرب رجل لم تعرض له حاجة إلى أن ينفعه أبواه وأبناؤه وربما عرضت حاجات كثيرة في الحالين وربما لم تعرض فهم متفاوتون من هذا الاعتبار الذي كان يعتمده أهل الجاهلية في قسمة أموالهم فاعتمدوا أحوالا غير منضبطة ولا موثوقا بها ولذلك قال تعالى ( لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) فشرع الإسلام ناط الفرائض بما لا يقبل التفاوت وهي الأبوة والبنوة ففرض الفريضة لهم نظرا لصلتهم الموجبة كونهم أحق البناء بمال الأبناء أو الآباء .
والتذييل بقوله ( إن الله كان عليما حكيما ) واضح المناسبة