وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد شرع الله تعدد النساء للقادر العادل لمصالح جمة : منها أن في ذلك وسيلة إلى تكثير عدد الأمة بازدياد المواليد فيها ومنها أن ذلك يعين على كفالة النساء اللائي هن أكثر من الرجال في كل أمة لأن الأنوثة في المواليد أكثر من الذكور ولأن الرجال يعرض لهم من أسبب الهلاك في الحروب والشدائد ما لا يعرض للنساء ولأن النساء أطول أعمارا من الرجال غالبا بما فطرهن الله عليه ومنها أن الشريعة قد حرمت الزنا وضيقت في تحريمه لما يجر إليه من الفساد في الأخلاق والأنساب ونظام العائلات فناسب أن توسع على الناس في تعدد النساء لمن كان من الرجال ميالا للتعدد مجبولا عليه ومنها قصد الابتعاد عن الطلاق إلا لضرورة .
ولم يكن في الشرائع السلفة ولا في الجاهلية حد للزوجات ولم يثبت أن جاء عيسى عليه السلام بتحديد للتزوج وإن كان ذلك توهمه بعض علمائنا مثل القرافي ولا أحسبه صحيحا . والإسلام هو الذي جاء بالتحديد . فإما أصل التحديد فحكمته ظاهرة : من حيث إن العدل لا يستطيعه كل أحد وإذا لم يقم تعدد الزوجات على قاعدة العدل بينهن اختل نظام العائلة وحدثت الفتن فيها ونشأ عقوق الزوجات أزواجهن وعقوق الأبناء آباءهم بأذاهم في زوجاتهم وفي أبنائهم فلا جرم أن كان الأذى في التعدد لمصلحة يجب أن تكون مضبوطة غير عائدة على الأصل بالإبطال .
وأما الانتهاء في التعدد إلى الأربع فقد حاول كثير من العلماء توجيهه فلم يبلغوا إلى غاية مرضية وأحسب أن حكمته ناظرة إلى نسبته عدد النساء من الرجال في غالب الأحوال واعتبار المعدل في التعدد فليس كل رجل يتزوج أربعا فلنفرض المعدل يكشف عن امرأتين لكل رجل يدلنا على أن النساء ضعف الرجال . وقد أشار إلى هذا ما جاء في الصحيح : أنه يكثر النساء في آخر الزمان حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد .
وقوله ( أو ما ملكت أيمانكم ) إن عطف على قوله ( فواحدة ) فقد خير بينه وبين الواحدة باعتبار التعدد أي فواحدة من الأزواج أو عدد مما ملكت أيمانكم وذلك أن المملوك لا يشترط فيهن من العدل ما يشترط في الأزواج ولكن يشترط حسن المعاملة وتركالضر وإن عطفته على قوله ( فانكحوا ما طاب ) كان تخييرا بين التزوج والتسري بحسب أحوال الناس وكان العدل في الإماء المتخذات للتسري مشروطا قياسا على الزوجات وكذلك العدد بحسب المقدرة غير أنه لا يمتنع في التسري الزيادة على الأربع لأن القيود المذكورة بين الجمل ترجع إلى ما تقدم منها . وقد منع الإجماع من قياس الإماء على الحرائر في نهاية العدد وهذا الوجه أدخل في حكمة التشريع وأنظم في معنى قوله ( ذلك أدنى أن لا تعولوا ) .
والإشارة بقوله ( ذلك أدنى أن لا تعولوا ) إلى الحكم المتقدم وهو قوله ( فانكحوا ما طاب لكم ) إلى قوله ( أو ما ملكت أيمانكم ) باعتبار ما اشتمل عليه من التوزيع حسب العدل . وإفراد اسم الإشارة باعتبار المذكور كقوله تعالى ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) .
و ( أدنى ) بمعنى أقرب وهو قرب مجازي أي أحق وأعون على أن لا تعدلوا و ( تعولوا ) مضارع عال عولا وهو فعل واوي العين بمعنى جار ومال وهو مشهور في كلام العرب وبه فسر ابن عباس وجمهور السلف يقال : عال الميزان عولا إذا مال وعال فلان في حكمه أي جار وظاهر أن نزول المكلف إلى العدد الذي لا يخاف معه عدم العدل أقرب إلى عدم الجور فيكون قوله ( أدنى أن لا تعولوا ) في معنى قوله : ( فإن خفتم أن لا تعدلوا ) فيفيد زيادة تأكيد كراهية الجور .
ويجوز أن تكون الإشارة إلى الحكم المتضمن له قوله ( فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ) أي ذلك اسلم من الجور لأن التعدد يعرض المكلف إلى الجور وإن بذل جهده في العدل إذ للنفس رغبات وغفلات وعلى هذا الوجه لا يكون قوله ( أدنى أن لا تعولوا ) تأكيدا لمضمون ( فإن خفتم أن لا تعدلوا ) ويكون ترغيبا في الاقتصار على المرأة الواحدة أو التعدد بملك اليمين إذ هو سد ذريعة الجور وعلى هذا الوجه لا يكون العدل شرطا في ملك اليمين وهو الذي نحاه جمهور فقهاء الأمصار في ملك اليمين .
A E