وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( فزادهم إيمانا ) أي زادهم قول الناس فضمير الرفع المستتر في ( فزادهم ) عائد إلى القول المستفاد من فعل ( قال لهم الناس ) أو عائد إلى الناس ولما كان ذلك القول مرادا به تخويف المسلمين ورجوعهم عن قصدهم . وحصل منه خلاف ما أراد به المشركون جعل ما حصل به زائدا في إيمان المسلمين . فالظاهر أن الإيمان أطلق هنا على العمل أي العزم ونقصه مسألة قديمة والخلاف فيها مبني على أن الأعمال يطلق عليها اسم الإيمان كما قال تعالى ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) يعني صلاتكم . أما التصديق القلبي وهو عقد القلب على إثبات وجود الله وصفاته وبعثه الرسل وصدق الرسول فلا يقبل النقص ولا يقبل الزيادة ولذلك لا خلاف بين المسلمين في هذا المعنى وإنما هو خلاف مبني على اللفظ غير أنه قد تقرر في علم الخلاق أن الاعتقاد الجازم إذا تكررت أدلته أو طال زمانه أو قارنته التجارب يزداد جلاء وانكشافا وهو المعبر عنه بالملكة فلعل هذا المعنى مما يراد بالزيادة بقرينة أن القرآن لم يطلق وصف النقص في الإيمان بل ما ذكر إلا الزيادة وقد قال إبراهيم عليه السلام ( بلى ولكن ليطمئن قلبي ) .
وقولهم ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) كلمة لعلهم ألهموها أو تلقوها عن النبي A . وحسب أي كاف وهو اسم جامد بمعنى الوصف ليس له فعل قالوا : ومنه اسمه تعالى الحسيب فهو فعيل بمعنى مفعل . وقيل : الإحساب هو الإكفاء وقيل : هو اسم فعل بمعنى كفى وهو ظاهر القاموس . ورده ابن هشام في توضيحه بأن دخول العوامل عليه نحو ( فإن حسبك الله ) وقولهم : بحبسك درهم ينافى دعوى كونه اسم فعل لأن أسماء الأفعال لا تدخل عليها العوامل وقيل : هو مصدر وهو ظاهر كلام سيبويه . وهو من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا دون معنى فيبنى على الضم مثل : قبل وبعد كقولهم : أعطه درهمين فحسب ويتجدد له معنى حينئذ فيكون بمعنى لا غير . وإضافة لا تفيده تعريضا لأنه في قوة المشتق ولذلك توصف به النكرة وهو ملازم الإفراد والتذكير فلا يثنى زلا يجمع ولا يؤنث لأنه لجمدوه شابه المصدر أو لأنه لما كان أسم فعل فهو كالمصدر أو لأنه مصدر وهو شأن المصادر ومعناها : إنهم اكتفوا بالله ناصرا وإن كانوا في قلة وضعف .
وجملة ( ونعم الوكيل ) معطوفة على ( حسبنا الله ) في كلام القائلين فالواو من المحكى لا من الحكاية وهو من عطف الإنشاء على الخبر الذي لا تطلب فيه إلا المناسبة . بالمدح محذوف لتقدم دليله .
و ( الوكيل ) فعيل بمعنى مفعول أي موكول إليه . يقال : وكل حاجته إلى فلان إذا اعتمد عليه في قضائها وفوض إليه تحصيلها ويقال للذي لا يستطيع القيام بشؤونه بنفسه : رجل وكل " بفتحتين " أي كثير الاعتماد على غيره فالوكيل هو القائم بشأن من وكله وهذا القيام بشأن الموكل يختلف باختلاف الأحوال الموكل فيها وبذلك الاختلاف يختلف معنى الوكيل فإن كان القيام في دفع العداء والجور فالوكيل الناصر والمدافع ( قل لست عليكم بوكيل ) ومنه ( فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلا ) . ومنه الوكيل في الخصومة وإن كان في شؤون الحياة فالوكيل الكافل والكافي ومنه ( أن لا تتخذوا من دوني وكيلا ) كما قال ( وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ) ولذلك كان من أسمائه تعالى : الوكيل وقوله ( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) ومنه الوكيل على المال ولذلك أطلق على هذا المعنى أيضا اسم الكفيل في قوله تعالى ( وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ) . وقد حمل الزمخشري الوكيل على ما يشمل هذا عند قوله تعالى ( وهو على كل شيء وكيل ) في سورة الأنعام فقال : وهو مالك لكل شيء من الأرزاق والآجال رقيب على الأعمال . وذلك يدل على أن الوكيل اسم جامع للرقيب والحافظ في الأمور التي يعنى الناس بحفظها ورقابتها وادخارها ولذلك يتقيد ويتعمم بحسب المقامات .
وقوله ( فانقلبوا بنعمة من الله ) تعقيب للإخبار عن ثبات إيمانهم وقولهم : حسبنا الله ونعم الوكيل وهو تعقيب لمحذوف يدل عليه فعل ( فانقلبوا ) لأن الانقلاب يقتضي أنهم خرجوا للقاء العدو الذي بلغ عنهم أنهم جمعوا لهم ولم يعبأوا بتخويف الشيطان والتقدير : فخرجوا فانقلبوا بنعمة من الله