وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الفاء للتفريع على ما اشتمل عليه الكلام السابق الذي حكي فيه مخالفة طوائف لأمر الرسول من مؤمنين ومنافقين وما حكي من عفو الله عنهم فيما صنعوا . ولأن في تلك الواقعة المحكية بالآيات السابقة مظاهر كثيرة من لين النبي A للمسلمين حيث استشارهم في الخروج وحيث لم يثربهم على ما صنعوا من مغادرة مراكزهم ولما كان عفو الله عنهم يعرف في معاملة الرسول إياهم إلان الله لهم الرسول تحقيقا لرحمته وعفوه فكان المعنى : ولقد عفا الله عنهم برحمته فلان لهم الرسول بإذن الله وتكوينه إياه راحما قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .
والباء للمصاحبة أي لنت مع رحمة الله : إذ كان لينه في ذلك كله لينا لا تفريط معه لشيء من مصالحهم ولا مجاراة لهم في التساهل في أمر الدين فلذلك كان حقيقا باسم الرحمة .
وتقديم المجرور مفيد للحصر الإضافي أي : برحمة من الله لا يغير ذلك من أحوالهم وهذا القصر مفيد التعريض بأن أحوالهم كانت مستوجبة الغلط عليهم ولكن الله ألان خلق رسوله رحمة بهم لحكمة علمها الله في سياسة هذه الأمة .
وزيدت ( ما ) بعد باء الجر لتأكيد الجملة بما فيها من القصر فتعين بزيادة كون التقديم للحصر لا لمجرد الاهتمام ونبه عليه في الكشاف .
واللين هنا في سعة الخلق مع أمة الدعوة والمسلمين وفي الصفح عن جفاء المشركين وإقالة العثرات . ودل فعل المضي في قوله ( لنت ) على أن ذلك وصف تقرر وعرف م خلقه وأن فطرته على ذلك برحمة من الله إذ خلقه كذلك ( والله أعلم حيث يجعل رسالاته ) فخلق الرسول مناسب لتحقيق حصول مراد الله تعالى من إرساله لأن الرسول يجيء بشريعة يبلغها عن الله تعالى فالتبليغ متعين لا مصانعة فيه ولا يتأثر بخلق الرسول وهو أيضا مأمور بسياسة أمته بتلك الشريعة وتنفيذها فيهم وهذا عمل له ارتباط قوي بمناسبة خلق الرسول لطباع أمته حتى يلائم خلقه الوسائل المتوسل بها لحمل أمته على الشريعة الناجحة في البلوغ بهم إلى مراد الله تعالى منهم .
أرسل محمد A مفطورا على الرحمة فكان رحمة من الله بالأمة في تنفيذ شريعته بدون تساهل وبرفق وإعانة على تحصيلها فلذلك جعل لينه مصاحبا لرحمة من اله أودعها الله فيه إذ هو بعث للناس كافة ولكن اختار الله أن تكون دعوته بين العرب أول شيء لحكمة أرادها الله تعالى في أن يكون العرب هم مبلغ الشريعة للعالم .
والعرب أمة عرفت بالأنفة وإباء الضيم وسلامة الفطرة . وسرعة الفهم وهم المتلقون الأولون للدين فلم تكن تليق بهم الشدة والغلظة ولكنهم محتاجون إلى استنزال طائرهم في تبليغ الشريعة لهم ليتجنبوا بذلك المكابرة التي هي الحائل الوحيد بينهم وبين الإذعان إلى الحق . وورد أن صفح النبي A وعفوه ورحمته كان سببا في دخول كثير في الإسلام كما ذكر بعض ذلك عياض في كتاب الشفاء .
فضمير ( لهم ) عائد على جميع الأمة كما هو مقتضى مقام التشريع وسياسة الأمة وليس عائدا على المسلمين الذين عصوا أمر الرسول يوم أحد لأنه لا يناسب قوله بعده ( لانفضوا من حولك ) إذ لا يظن ذلك بالمسلمين ولأنه لا يناسب قوله بعده ( وشاورهم في الأمر ) إذا كان المراد المشاورة للاستعانة بآرائهم بل المعنى : لو كنت فظا لنفرك كثير ممن استجاب لك فهلكوا أو يكون الضمير عائدا على المنافقين المعبر عنهم بقوله ( وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ) فالمعنى : ولو كنت فظا لأعلنوا الكفر وتفرقوا عنك وليس المراد أنك لنت لهم في وقعة أحد خاصة لأن قوله بعده ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) الخ ينافي ذلك المحمل .
واللفظ : السيئ الخلق الجافي الطبع .
والغليظ القلب : القاسيه إذ الغلظة مجاز عن القسوة وقلة التسامح كما كان اللين مجازا في عكس ذلك وقالت جواري الأنصار لعمر حين انتهرهن ( أنت أفظ وأغلظ من رسول الله ) يردن أنت فظ وغليظ دون رسول الله .
والانفضاض : التفرق . و ( ومن حولك ) أي من جهتك وإزائك يقال : حوله وحوليه وحوليه وحواله وبحياله . والضمير للذين حول رسول الله أي الذين دخلوا في الدين لأنهم لا يطيقون الشدة والكلام تمثيل : شبهت هيئة النفور منه وكراهية الدخول في دينه بالانفضاض من حوله أي الفرار عنه متفرقين وهو بأنهم حوله أي متبعون له .
A E