وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فإن كان المراد من ( الذين آمنوا ) هنا معنى الذين آمنوا إيمانا راسخا كاملا فقد صار المعنى : أن علم الله برسوخ إيمانهم يحصل بعد مس القرح إياهم وهو معنى غير مستقيم فلذلك اختلف المفسرون في المراد من هذا التعليل على اختلاف مذاهبهم في صفة العلم وقد تقرر في أصول الدين أن الفلاسفة قالوا : إن الله عالم بالكليات بأسرها أي حقائق الأشياء على ما هي عليه علما كالعلم المبحوث عنه في الفلسفة لأن ذلك العلم صفة كمال وأنه يعلم الجزئيات من الجواهر والأعراض علما بوجه كلي . ومعنى ذلك أنه يعلمها من حيث إنها غير متعلقة بزمان مثاله : أن يعلم أن القمر جسم يوجد في وقت تكوينه وأن صفته تكون كذا وكذا وأن عوارضه النورانية المكتسبة من الشمس والخسوف والسير في أمد كذا . أما حصوله في زمانه عندما يقع تكوينه وكذلك حصول عوارضه فغير معلوم لله تعالى قالوا : لأن الله لو علم الجزئيات عند حصولها في أزمنتها للزم تغير علمه فيقتضي ذلك تغير القديم أو لزم جهل العالم مثاله : أنه إذا علم أن القمر سيخسف ساعة كذا علما أزليا فإذا خسف بالفعل فلا يخلو إما أن يزول ذلك العلم فيلزم تغير العلم السابق فيلزم من ذلك تغير الذات الموصوفة به من صفة إلى صفة وهذا يستلزم الحدوث إذ حدوث الصفة يستلزم حدوث الموصوف وإما أن لا يزول العلم الأول فينقلب العلم جهلا لأن الله إنما علم أن القمر سيخسف في المستقبل والقمر الآن قد خسف بالفعل . ولأجل هذا قالوا : إن علم الله تعالى غير زماني . وقال المسلمون كلهم : إن الله يعلم الكليات والجزئيات قبل حصولها وعند حصولها . وأجابوا عن شبهة الفلاسفة بأن العلم صفة من قبيل الإضافة أي نسبة بين العلم والمعلوم والإضافات اعتباريات والاعتباريات عدميات أو هو من قبيل الصفة ذات الإضافة : أي صفة وجودية لها تعلق أي نسبة بينها وبين معلومها . فإن كان العلم إضافة فتغيرها لا يستلزم تغير موصوفها وهو العالم ونظروا ذلك بالقديم يوصف بأنه قبل الحادث ومعه وبعده من غير تعير ذات القديم وإن كان العلم صفة ذات إضافة أي ذات تعلق فالتغير يعتري تعلقها ولا يتغير الصفة فضلا عن تغير الموصوف فعلم الله بأن القمر سيخسف وعلمه بأنه خاسف الآن وعلمه بأنه كان خاسفا بالأمس علم واحد موصوفه وإن تغيرت الصفة أو تغير متعلقها على الوجهين إلا أن سلف أهل السنة والمعتزلة أبوا التصريح يتغير التعلق ولذلك لم يقع في كلامهم ذكر تعلقين للعلم الإلهي أحدهما قديم والآخر حادث كما ذكروا ذلك في الإرادة والقدرة نظرا لكون صفة العلم لا تتجاوز غير ذات العالم تجاوزا محسوسا . فلذلك قال سلفهم : إن الله يعلم في الأزل أن القمر سيخسف في سنتنا هذه في بلد كذا ساعة كذا فعند خسوف القمر كذلك علم الله أنه خسف بذلك العلم الأول لأن ذلك العلم مجموع من كون الفعل لم يحصل في الأزل ومن كونه يحصل في وقته فيما لا يزال قالوا : ولا يقاس ذلك على علمنا حين نعلم أن القمر سيخسف بمقتضى الحساب ثم عند خسوفه نعلم أنه تحقق خسوفه بعلم جديد لأن احتياجنا لعلم متجدد إنما هو لطريان الغفلة عن الأول . وقال بعض المعتزلة مثل جهم بن صفوان وهشام بن الحكم : إن الله عالم في الأزل بالكليات والحقائق وأما علمه بالجزئيات والأشخاص والأحوال فحاصل بعد حدوثها لأن هذا العلم من التصديقات ويلزمه عدم سبق العلم .
A E