وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والحق أن منشأ الشعور بالجمال قد يكون عن الملائم وعن التأثر العصبي وهو يرجع إلى الملائم أيضا كتأثر المحموم باللون الأحمر وعن الإلف والعادة بكثرة الممارسة وهو يرجع إلى الملائم كما قال ابن الرومي : .
وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالك .
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذلك وعن ترقب الخير والمنفعة وهو يرجع إلى الملائم وعن اعتقاد الكمال والفضيلة وهو يرجع إلى المألوف الراجع إلى الممارسة بسبب ترقب الخير من صاحب الكمال والفضيلة .
ووراء ذلك كله شيء من الجمال ومن المحبة لا يمكن تعليله وهو استحسان الذوات الحسنة واستقباح الأشياء الموحشة فنرى الطفل الذي لا إلف له بشيء ينفر من الأشياء التي نراها وحشة .
وقد اختلف المتقدمون في أن المحبة والجمال هل يقصران على المحسوسات : فالذين قصروهما على المحسوسات لم يثبتوا غير المحبة المادية والذين لم يقصروهما عليها أثبتوا المحبة الرمزية أعني المتعلقة بالأكوان غير المحسوسة كمحبة العبد لله تعالى وهذا هو الحق وقال به من المتقدمين أفلاطون ومن المسلمين الغزالي وفخر الدين وقد أضيفت هذه المحبة إلى أفلاطون فقيل محبة أفلاطونية : لأنه بحث عنها وعللها فإننا نسمع بصفات مشاهير الرجال مثل الرسل وأهل الخير والذين نفعوا الناس والذين اتصفوا بمحامد الصفات كالعلم والكرم والعدل فنجد من أنفسنا ميلا إلى ذكرهم ثم يقوى ذلك الميل حتى يصير محبة منا إياهم مع أننا ما عرفناهم ألا ترى أن مزاولة كتب الحديث والسيرة مما يقوي محبة المزاول في الرسول A وكذلك صفات الخالق تعالى لما كانت كلها كمالات وإحسانا إلينا وإصلاحا لفاسدنا أكسبنا اعتقادها إجلالا لموصوفها ثم يذهب ذلك الإجلال يقوى إلى أن يصير محبة وفي الحديث " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة لإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار " فكانت هذه الثلاثة من قبيل المحبة ولذلك جعل عندها وجدان حلاة الإيمان أي وجدانه جميلا عند معتقده .
فأصحاب الرأي الأول يرون تعليق المحبة بذات الله في هذه الآية ونحوها مجازا بتشبيه الرغبة في مرضاته بالمحبة وأصحاب الرأي الثاني يرونه حقيقة وهو الصحيح .
ومن آثار المحبة تطلب القرب من المحبوب والاتصال به واجتناب فراقه . ومن آثارها محبة ما يسره ويرضيه واجتناب ما يغضبه فتعليق لزوم اتباع الرسول على محبة الله تعالى لأن الرسول دعا إلى ما يأمر الله به وإلى إفراد الوجهة إليه وذلك كمال المحبة .
وأما إطلاق المحبة في قوله ( يحببكم الله ) فهو مجاز لا محالة أريد به لازم المحبة وهو الرضى وسوق المنفعة ونحو ذلك من تجليات لله يعلمها سبحانه . وهما المعبر عنهما بقوله ( يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) فإن ذلك دليل المحبة وفي القرآن ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم ) .
وتعليق محبة الله إياهم على ( فاتبعوني ) المعلق على قوله ( إن كنتم تحبون الله ) ينتظم منه قياس شرطي اقتراني . ويدل على الحب المزعوم إذا لم يكن معه اتباع الرسول فهو حب كاذب لأن المحب لمن يحب مطيع ولأن ارتكاب ما يكرهه المحبوب إغاضة له وتلبس بعدوه وقد قال أبو الطيب : .
أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة فيه من أعدائه فعلم أن حب العدو لا يجامع الحب وقد قال العتابي : .
تود عدوي ثم تزعم أنني ... صديقك ليس النوك عنك بعازب وجملة ( والله غفور رحيم ) في قوة التذييل مثل جملة ( والله على كل شيء قدير ) المتقدمة . ولم يذكر متعلق للصفتين ليكون الناس ساعين في تحصيل أسباب المغفرة والرحمة .
( قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكفرين [ 32 ] ) A E