وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

انتقال إلى الترغيب بعد الترهيب على عادة القرآن . والمناسبة أن الترهيب المتقدم ختم بقوله ( والله رؤوف بالعباد ) والرأفة تستلزم محبة المرؤوف به الرؤف فجعل محبة الله فعلا للشرط في مقام تعليق الأمر باتباع الرسول عليه مبني على كون الرأفة تستلزم المحبة أو هو مبني على أن محبة الله أمر مقطوع به من جانب المخاطبين فالتعليق عليه تعليق شرط محقق ثم رتب على الجزاء مشروط آخر وهو قوله ( يحببكم الله ) لكونه أيضا مقطوع الرغبة من المخاطبين لأن الخطاب للمؤمنين والمؤمن غاية قصده تحصيل رضا الله عنه ومحبته إياه .
والمحبة : انفعال نفساني ينشأ عند الشعور بحسن شيء : من صفات ذاتية . أو إحسان أو اعتقاد أنه يحب المستحسن ويجر إليه الخير . فإذا حصل ذلك الانفعال عقبه ميل وانجذاب إلى الشيء المشعور بمحاسنه فيكون المنفعل محبا ويكون المشعور بمحاسنه محبوبا وتعد الصفات التي أوجبت هذا الانفعال جمالا عند المحب فإذا قوي هذا الانفعال صار تهيجا نفسانيا فسمي عشقا للذوات وافتنانا بغيرها .
والشعور بالحسن الموجب للمحبة يستمد من الحواس في إدراك المحاسن الذاتية المعروفة بالجمال ويستمد أيضا من التفكر في الكمالات المستدل عليها بالعقل وهي المدعوة بالفضيلة ولذلك يحب المؤمنون الله تعالى ويحبون النبي A تعظيما للكمالات واعتقادا بأنهما يدعوانهم إلى الخير ويحب الناس أهل الفضل الأولين كالأنبياء والحكماء والفاضلين ويحبون سعاة الخير من الحاضرين وهم لم يلقوهم ولا رأوهم .
ويرجع الجمال والفضيلة إلى إدراك النفس ما يلائمها : من الأشكال والأنغام والمحسوسات والخلال . وهذه الملاءمة تكون حسية لأجل مناسبة الطبع كملاءمة البرودة في الصيف والحر في الشتاء وملاءمة اللين لسليم الجلد والخشن لمن به داعي حكة أو إلى حصول منافع كملاءمة الإحسان والإغاثة . وتكون فكرية لأجل غايات نافعة كملاءمة الدوام للمريض والتعب لجاني الثمرة والسهر للمتفكر في العلم وتكون لأجل الإلف وتكون لأجل الاعتقاد المحض كتلقي الناس أن العلم فضيلة ويدخل في هذين محبة الأقوام عوائدهم من غير تأمل في صلاحها وقد تكون مجهولة السبب كملاءمة الأشكال المنتظمة للنفوس وملاءمة الألوان اللطيفة .
وفي جميع ذلك تستطيع أن تزيد اتضاحا بأضدادها كالأشكال الفاسدة والأصوات المنكرة والألوان الكريهة دائما أو في بعض الأحوال كاللون الأحمر يراه المحموم .
ولم يستطع الفلاسفة توضيح علة ملاءمة بعض ما يعبر عنه بالجمال للنفوس : ككون الذات جميلة أو قبيحة الشكل وكون المربع أو الدائرة حسنا لجئ النفس والشكل المختل قبيحا ومع الاعتراف باختلاف الناس في بعض ما يعبر عنه بالجمال والقبح كما قال أبو الطيب : .
" ضروب الناس عشاق ضروبا وأن بعض الناس يستجيد من الملابس ما لا يرضى به الآخر ويستحسن من الألوان ما يستقبحه الآخر ومع ذلك كله فالمشاهد أن معظم الأحوال لا يختلف فيها الناس السالم والأذواق .
فأما المتقدمون فقال سقراط : سبب الجمال حب النفع وقال أفلاطون : ( الجمل أمر إلهي أزلي موجود في عالم العقل غير قابل للتغير قد تمتعت الأرواح به قبل هبوطها إلى الأجسام فلما نزلت إلى الأجسام صارت مهما رأت شيئا على مثال ما عهدته في العوالم العقلية وهي عالم المثال مالت إليه لأنه مألوفها من قبل هبوطها ) . وذهب الطبائعيون : إلى أن الجمال شيء ينشأ عندنا الإحساس بالحواس . ورأيت في كتاب جامع أسرار الطب للحكيم عبد الملك ابن زهر القرطبي ( العشق الحسي إنما هو ميل النفس إلى الشيء الذي تستحسنه وتستلذه وذلك أن الروح النفساني الذي مسكنه الدماغ قريب من النور البصري الذي يحيط بالعين ومتصل بمؤخر الدماغ وهو الذكر فإذا نظرت العين إلى الشيء المستحسن انضم النوري البصري وارتعد فبذلك الانضمام والارتعاد يتصل بالروح النفساني فيقلبه قبولا حسنا ثم يودعه الذكر فيوجب ذلك المحبة . ويشترك أيضا بالروح الحيواني الذي مسكنه القلب لاتصاله بأفعاله في الجسد كله فحينئذ تكون الفكرة والهم والسهر ) .
A E