وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والاتقاء : تجنب المكروه وتعديته بحرف ( من ) إما لأن الاتقاء تستر فعدي بمن كما يعدى فعل تستر وإما لتضمينه معنى تخافوا .
و ( تقاة ) قرأه الجمهور : بضم المثناة الفوقية وفتح القاف بعدها ألف وهو اسم مصدر الاتقاء وأصله وقية فحذفت الواو التي هي فاء الكلمة تبعا لفعل اتقى إذ قلبت واوه تاء ليتأتى إدغامها في تاء الافتعال ثم أتبعوا ذلك باسم مصدره كالتجاة والتكلة والتوءدة والتخمة إذ لا وجه لإبدال الفاء تاء في مثل تقاة إلا هذا . وشذ تراث . يدل لهذا المقصد قول الجوهري : ( وقولهم تجاهك بني على قولهم اتجه لهم رأي ) . وفي اللسان في تخمه ( لأنهم توهموا التاء أصلية لكثرة الاستعمال ) . ويدل لذلك أيضا قرن هذه الأسماء مع أفعالها في نحو هذه الآية ونحو قوله ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) وقرأه يعقوب بفتح الفوقية وكسر القاف وفتح التحتية مشددة بوزن فعيلة .
وفائدة التأكيد بالمفعول المطلق هنا : الإشارة إلى تحقق كون الحالة حالة تقية وهذه التقية مثل الحال التي كان عليها المستضعفون من المؤمنين الذين لم يجدوا سبيلا للهجرة قال تعالى ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ومثل الحالة التي لقيها مسلموا الأندلس حين أكرههم النصارى على الكفر فتظاهروا به إلى أن تمكنت طوائف منهم من الفرار وطوائف من استئذان الكفار في الهجرة إلى بلاد الإسلام فأذن لهم العدو وكذلك يجب أن تكون التقاة غير دائمة لأنها إذا طالت دخل الكفر في الذراري .
وقوله ( ويحذركم الله نفسه ) تحذير من المخالفة ومن التساهل في دعوى التقية واستمرارها أو طول زمانها .
وانتصاب ( نفسه ) على نزع الخافض وأصله ويحذركم الله من نفسه وهذا النزع هو أصل انتصاب الاسمين في باب التحذير في قولهم إياك الأسد وأصله أحذرك من الأسد . وقد جعل التحذير هنا من نفس الله أي ذاته ليكون أعم في الأحوال لأنه لو قيل يحذركم الله غضبه لتوهم أن لله رضا لا يضر معه تعمد مخالفة أوامره والعرب إذا أردت تعميم أحوال الذات علقت الحكم بالذات : كقولهم لولا فلان لهلك فلان وقوله تعالى ( ولولا رجال مؤمنون إلى قوله لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) ومن هذا القبيل تعليق شرط لولا على الوجود المطلق الذي سوغ حذف الخبر بعد لولا .
وسيجيء الكلام على صحة إطلاق النفس مضافا إلى الله تعالى في سورة العقود عند قوله تعالى ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) .
وهذا إعذار وموعظة وتهديد بالعقاب ما نهاهم الله عنه .
و ( المصير ) : هو الرجوع وأريد به البعث بعد الموت وقد علم مثبتو البعث أنه لا يكون إلا إلى الله فالتقديم في قوله ( وإلى الله ) لمجرد الاهتمام وهذا تعريض بالوعيد أكد به صريح التهديد الذي قبله .
( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير [ 29 ] ) انتقال من التحذير المجمل إلى ضرب من ضروب تفصيله وهو إشعار لمحذر باطلاع الله على ما يخفونه من الأمر .
وذكر الصدور هنا والمراد البواطن والضمائر : جريا على معروف اللغة من إضافة الخواطر النفسية إلى الصدر والقلب لأن الانفعالات النفسانية وترددات التفكر ونوايا النفوس كلها يشعر لها بحركات في الصدور .
وزاد ( أو تبدوه ) فأفاد تعميم العلم تعليما لهم بسعة علم الله تعالى لأن مقام إثبات صفات الله تعالى يقتضي الإيضاح .
وجملة ( ويعلم ما في السماوات وما في الأرض ) معطوفة على جملة الشرط فهي معمولة لفعل قل وليست معطوفة على جواب الشرط : لأن علم الله بما في السماوات وما في الأرض ثابت مطلقا غير معلق على إخفاء ما في نفوسهم وإبدائه وما في الجملة من التعميم يجعلها في قوة التذييل .
وقوله ( والله على كل شيء قدير ) إعلام بأنه مع العلم ذو قدرة على كل شيء وهذا من التهديد ؛ إذ المهدد لا يحول بينه وبين تحقيق وعيده إلا أحد أمرين : الجهل بجريمة المجرم أو العجز عنه فلما أعلمهم بعموم علمه وعموم قدرته علموا أن الله لا يفلتهم من عقابه .
A E