وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والملك بضم الميم وسكون اللام نوع من الملك بكسر الميم " فالمالك بالكسر " جنس والملك " بالضم " نوع منه وهو أعلى أنواعه ومعناه التصرف في جماعة عظيمة أو أمة عديدة تصرف التدبير للشؤون وإقامة الحقوق ورعاية المصالح ودفع العدوان عنها وتوجيهها إلى ما فيه خيرها بالرغبة والرهبة . وانظر قوله تعالى ( قالوا أنى يكون له الملك علينا ) في سورة البقرة وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى ( ملك يوم الدين ) فمعنى مالك الملك أنه المتصرف في نوع الملك ( بالضم ) بما يشاء بأن يراد بالملك هذا النوع . والتعريف في الملك الأول لاستغراق الجنس : أي كل ملك هو في الدنيا . ولما كان الملك ماهية من المواهي كان معنى كون الله مالك الملك أنه المالك لتصريف الملك أي لإعطائه وتوزيعه وتوسيعه وتضييقه فهو على تقدير مضاف في المعنى .
والتعريف في الملك الثاني والثالث للجنس دون استغراق أي طائفة وحصة من جنس الملك والتعويل في الفرق بين مقدار الجنس على القرائن . ولذلك بينت صفة مالك الملك بقوله ( تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ) فإن إيتاءه ونزعه مقول عليه بالتشكيك : إيجابا وسلبا وكثرة وقلة .
والنزع : حقيقة إزالة الجرم من مكانه : كنزع الثوب ونزع الماء من البئر ويستعار لإزالة الصفات والمعاني كما قال تعالى ( ونزعنا ما في صدورهم من غل ) بتشبيه المعنى المتمكن بالذات المتصلة بالمكان وتشبيه إزالته بالنزع ومنه قوله هنا ( تنزع الملك ) أي تزيل وصف الملك ممن تشاء .
وقوله ( بيدك الخير ) تمثيل للتصرف في الأمر ؛ لأن المتصرف يكون أقوى تصرفه بوضع شيء بيده ولو كان لا يوضع في اليد قال عنترة بن الأخرس المعني الطائي : .
فما بيديك خير أرتجيه ... وغير صدودك الخطب الكبير وهذا يعد من المتشابه لأن فيه إضافة اليد إلى ضمير الجلالة ولا تشابه فيه : لظهور المراد من استعماله في الكلام العربي . والاقتصار على الخير في تصرف الله تعالى اكتفاء كقوله تعالى ( سرابيل تقيكم الحر ) أي والبرد .
وكان الخبر مقتضى بالذات أصاله والشر مقتضى بالعرض قال الجلال الدواني في شرح ديباجة هياكل النور : وخص الخير هنا لأن المقام مقام ترجي المسلمين الخير من الله وقد علم أن خيرهم شر لضدهم كما قيل : .
" مصائب قوم عند قوم فوائد أي " الخير مقتضى الذات والشر مقضي بالعرض وصادر بالتبع لما أن بعض ما يتضمن خيرات كثيرة هو مستلزم لشر قليل فلو تركت تلك الخيرات الكثيرة لذلك الشر القليل لصار تركها شرا كثيرا فلما صدر ذلك الخير لزمه حصول ذلك الشر " .
وحقيقة ( تولج ) تدخل وهو هنا استعارة لتعاقب ضوء النهار وظلمة الليل فكأن أحدهما يدخل في الآخر ولازدياد مدة النهار على مدة الليل وعكسه في الأيام والفصول عدا أيام الاعتدال وهي في الحقيقة لحظات قليلة ثم يزيد أحدهما لكن الزيادة لا تدرك في أولها فلا يعرفها إلا العلماء وفي الظاهر هي يومان في كل نصف سنة شمسية قال ابن عرفة : " كان بعضهم يقول : القرآن يشتمل على ألفاظ يفهمها العوام وألفاظ يفهمها الخواص وما يفهمه الفريقان ومنه هذه الآية ؛ فإن الإيلاج يشمل الأيام التي لا يفهمها إلا الخواص والفصول التي يدركها سائر العوام " .
وفي هذا رمز إلى ما حدث في العالم من ظلمات الجهالة والإشراك بعد أن كان الناس على دين صحيح كدين موسى وإلى ما حدث بظهور الإسلام من إبطال الضلالات ولذلك ابتدئ بقوله ( تولج الليل في النهار ) ليكون الانتهاء بقوله ( وتولج النهار في الليل ) فهو نظير التعريض الذي بينته في قوله ( تؤتي الملك من تشاء ) الآية . والذي دل على هذا الرمز افتتاح الكلام بقوله ( اللهم مالك الملك ) الخ .
وإخراج الحي من الميت كخروج الحيوان من المضغة ومن مح البيضة وإخراج الميت من الحي وعكس ذلك كله وسيجيء زيادة بيان لهذا عند قوله ( ومن يخرج الحي من الميت ) في سورة يونس . وهذا رمز إلى ظهور الهدى والملك في أمة أمية وظهور ضلال الكفر في أهل الكتابين وزوال الملك من خلفهم بعد أن كان شعار أسلافهم بقرينة افتتاح الكلام بقوله ( اللهم مالك الملك ) الخ .
A E