وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولما كان قوله ( ويقتلون الذين يأمرون بالقسط ) مومئا إلى وجه بناء الخبر : وهو أنهم إنما قتلوهم لأنهم يأمرون بالقسط أي بالحق فقد اكتفي بها في الدلالة على الشناعة فلم تحتج إلى زيادة التشنيع .
وقرأ الجمهور من العشرة ( يقتلون ) الثاني مثل الأول بسكون القاف وقرأه حمزة وحده ( ويقاتلون ) بفتح القاف بعدها بصيغة المفاعلة وهي مبالغة في القتل .
والفاء في ( فبشرهم ) فاء الجواب المستعملة في شرط دخلت على خبر إن لأن اسم إن وهو موصول تضمن معنى الشرط إشارة إلى أنه ليس المقصود قوما معينين بل كل من يتصف بالصلة فجزاؤه أن يعلم أن له عذابا أليما . واستعمل بشرهم في معنى أنذرهم تهكما .
وحقيقة التبشير : الإخبار بما يظهر سرور المخبر ( بفتح الباء ) وهو هنا مستعمل في ضد حقيقته إذ أريد به الإخبار بحصول العذاب وهو موجب لحزن المخبرين فهذا الاستعمال في الضد معدود عند علماء البيان من الاستعارة ويسمونها تهكمية لأن تشبيه الضد بضده لا يروج في عقل أحد إلا على معنى التهكم أو التمليح كما أطلق عمرو ابن كلثوم . اسم الأضياف على الأعداء وأطلق القرى على قتل الأعداء في قوله : .
نزلتم منزل الأضياف منا ... فعجلنا القرى أن تشتمونا .
قريناكم فعجلنا قراكم ... قبيل الصبح مرداة طحونا قال السكاكي : وذلك بواسطة انتزاع شبه التضاد وإلحافه بشبه التناسب .
وجيء باسم الإشارة في قوله ( أولئك الذين حبطت أعمالهم ) لأنهم تميزوا بهذه الأفعال التي دلت عليها صلات الموصول أكمل تمييز وللتنبيه على انهم أحقاء بما سيخبر به عنهم بعد اسم الإشارة .
واسم الإشارة مبتدأ وخبره ( الذين حبطت أعمالهم ) وقيل هو خبر ( إن ) وجملة ( فبشرهم بعذاب أليم ) وهو الجاري على مذهب سيبويه لأنه يمنع دخول الفاء في الخبر مطلقا .
وحبط الأعمال إزالة آثارها النافعة من ثواب ونعيم الآخرة وحياة طيبة في الدنيا . وإطلاق الحبط على ذلك تمثيل بحال الإبل التي يصيبها الحبط وهو انتفاخ في بطونها من كثرة الأكل يكون سبب موتها في حين أكلت ما أكلت للالتذاذ به .
وتقدم عند قوله تعالى ( ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ) في سورة البقرة .
والمعنى هنا أن اليهود لما كانوا متدينين يرجون من أعمالهم الصالحة النفع بها في الآخرة بالنجاة من العقاب والنفع في الدنيا بآثار رضا الله على عباده الصالحين فلما كفروا بآيات الله وجحدوا نبوءة محمد A وصوبوا الذين قتلوا الأنبياء والذين يأمرون بالقسط فقد ارتدوا عن دينهم فاستحقوا العذاب الأليم ولذلك ابتدئ به بقوله ( فبشرهم بعذاب أليم ) . فلا جرم تحبط أعمالهم فلا ينتفعون بثوابها في الآخرة ولا بآثارها الطيبة في الدنيا ومعنى ( ومالهم من ناصرين ) مالهم من ينقذهم من العذاب الذي أنذروا به .
وجيء بمن الدالة على تنصيص العموم لئلا يترك لهم مدخل إلى التأويل .
( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتب يدعون إلى كتب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون [ 23 ] ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودت وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون [ 24 ] فكيف إذا جمعنهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون [ 25 ] ) استئناف ابتدائي : للتعجيب من حالة اليهود في شدة ضلالهم . فالاستفهام في قوله ( ألم تر ) للتقرير والتعجيب وقد جاء الاستعمال في مثله أن يكون الاستفهام داخلا على نفي الفعل والمراد حصول الإقرار بالفعل ليكون التقرير على نفيه محرضا للمخاطب على الاعتراف به بناء على أنه لا يرضى أن يكون ممن بجهله وقد تقدم عند قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ) في سورة البقرة .
A E