وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلم أن قوله ( أسلمت وجهي لله ) كلمة جامعة لمعاني كنه الإسلام وأصوله ألقيت إلى الناس ليتدبروا مطاويها فيهتدي الضالون ويزداد المسلمون يقينا بدينهم ؛ إذ قد علمنا أن مجيء قوله ( أسلمت وجهي لله ) عقب قوله ( إن الدين عند الله الإسلام ) وقوله ( فإن حاجوك ) وتعقيبه بقوله ( أأسلمتم ) أن المقصود منه بيان جامع معاني الإسلام حتى تسهل المجادلة وتختصر المقاولة ويسهل عرض المتشككين أنفسهم على هذه الحقيقة ليعلموا ما هم عليه من الديانة . بينت هذه الكلمة أن هذا الدين يترجم عن حقيقة اسمه ؛ فإن اسمه الإسلام وهو مفيد معنى معروفا في لغتهم يرجع إلى الإلقاء والتسليم وقد حذف مفعوله ونزل الفعل منزلة اللازم فعلم أن المفعول حذف لدلالة معنى الفاعل عليه فكأنه يقول : أسلمتني أي أسلمت نفسي فبين هنا هذا المفعول المحذوف من اسم الإسلام لئلا يقع فيه التباس أو تأويل لما لا يطابق المراد فعبر عنه بقوله ( وجهي ) أي نفسي : لظهور ألا يحسن محمل الوجه هنا على الجزء المعروف من الجسد ولا يفيد حمله عليه ما هو المقصود بل المعنى البين هو أن يراد بالوجه كامل الذات كقوله تعالى ( كل شيء هالك إلا وجهه ) .
وإسلام النفس لله معناه إسلامها لأجله وصيرورتها ملكا له بحيث يكون جميع أعمال النفس في مرضاة الله وتحت هذا معان جمة هي جماع الإسلام : نحصرها في عشرة : المعنى الأول : تمام العبودية لله تعالى وذلك بألا يعبد غير الله وهذا إبطال للشرك لأن المشرك بالله غير الله لم يسلم نفسه بل أسلم بعضها .
المعنى الثاني : إخلاص العمل لله تعالى فلا يلحظ في عمله غير الله تعالى فلا يرائي ولا يصانع فيما لا يرضي الله ولا يقدم مرضاة غير الله تعالى على مرضاة الله .
الثالث : إخلاص القول لله تعالى فلا يقول مالا يرضى به الله ولا يصدر عنه قول إلا فيما أذن الله فيه أن يقال وفي هذا المعنى تجيء الصراحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على حسب المقدرة والعلم والتصدي للحجة لتأييد مراد الله تعالى وهي صفة امتاز بها الإسلام ويندفع بهذا المعنى النفاق والملق قال تعالى في ذكر رسوله ( وما أنا من المتكلفين ) .
الرابع : أن يكون ساعيا لتعرف مراد الله تعالى من الناس ليجري أعماله على وفقه وذلك بالإصغاء إلى دعوة الرسل المخبرين بأنهم مرسلون من الله وتلقيها بالتأمل في وجود صدقها والتمييز بينها وبين الدعاوى الباطلة بدون تحفز للتكذيب ولا مكابرة في تلقي الدعوة ولا إعراض عنها بداعي الهوى وهو الإفحام بحيث يكون علمه بمراد الله من الخلق هو ضالته المنشودة .
الخامس : امتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه على لسان الرسل الصادقين والمحافظة على اتباع ذلك بدون تغيير ولا تحريف وأن يذود عنه من يريد تغييره .
السادس : ألا يجعل لنفسه حكما مع الله فيما حكم به فلا يتصدى للتحكم في قبول بعض ما أمر الله به ونبذ البعض . كما حكي الله تعالى ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ) وقد وصف الله المسلمين بقوله ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) فقد أعرض الكفار عن الإيمان بالبعث ؛ لأنهم لم يشاهدوا ميتا بعث .
السابع : أن يكون متطلبا لمراد الله مما أشكل عليه فيه واحتاج إلى جريه فيه على مراد الله : يتطلبه من إلحاقه بنظائره التامة التنظير بما علم أنه مراد الله كما قال الله تعالى ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) ولهذا أدخل علماء الإسلام حكم التفقه في الدين والاجتهاد تحت التقوى المأمور بها في قوله تعالى ( فاتقوا الله ما استطعتم ) .
الثامن : الإعراض عن الهوى المذموم في الدين وعن القول فيه بغير سلطان ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) .
التاسع : أن تكون معاملة أفراد الأمة بعضها بعضا وجماعاتها ومعاملتها الأمم كذلك جارية على مراد الله تعالى من تلك المعاملات .
العاشر : التصديق بما غيب عنا مما أنبأنا الله به : من صفاته ومن القضاء والقدر : وأن الله هو المتصرف المطلق .
A E