وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وللمفسرين في المراد من هذا القول طرائق ثلاث : إحداهما أنه متاركة وإعراض عن المجادلة أي اعترفت بأن لا قدرة لي على أن أزيدكم بيانا أي أني أتيت بمنتهى المقدور من الحجة فلم تقتنعوا فإذ لم يقنعكم ذلك فلا فائدة في الزيادة من الأدلة النظرية فليست محاجتكم إياي إلا مكابرة وإنكارا للبديهيات والضروريات ومباهتة فالأجدر أن أكف عن الازدياد . قال الفخر : فإن المحق إذا ابتلي بالمبطل اللجوج يقول : أما أنا فمنقاد إلى الحق . وإلى هذا التفسير مال القرطبي .
وعلى هذا الوجه تكون إفادة قطع المجادلة بجملة ( أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ) وقوله ( أأسلمتم ) دون أن يقال : فأعرض عنهم وقل سلام ضربا من الإدماج ؛ إذ أدمج في قطع المجادلة إعادة الدعوة إلى الإسلام بإظهار الفرق بين الدينين .
والقصد من ذلك الحرص على اهتدائهم والإعذار إليهم وعلى هذا الوجه فإن قوله ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ) خارج عن الحاجة وإنما هو تكرر للدعوة أي اترك محاجتهم ولا تترك دعوتهم .
وليس المراد بالحجاج الذي حاجهم به خصوص ما تقدم في الآيات السابقة وإنما المراد ما دار بين الرسول وبين وفد نجران من الحجاج الذي علموه فمنه ما أشير إليه في الآيات السابقة ومنه ما طوي ذكره .
الطريقة الثانية أن قوله ( فقل أسلمت وجهي ) تلخيص للحجة واستدراج لتسليمهم إياها وفي تقريره وجوه مآلها إلى أن هذا استدلال على كون الإسلام حقا وأحسنها ما قال أبو مسلم الأصفهاني : إن اليهود والنصارى والمشركين كانوا متفقين على أحقية دين إبراهيم عليه السلام إلا زيادات زادتها شرائعهم فكما أمر الله رسوله أن يتبع ملة إبراهيم في قوله ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) أمره هنا أن يجادل الناس بمثل قول إبراهيم : فإبراهيم قال ( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ) ومحمد عليه لصلاة والسلام قال : ( أسلمت وجهي لله ) أي فقد قلت ما قاله الله وأنتم معترفون بحقيقة ذلك فكيف تنكرون أني على الحق قال : وهذا من باب التمسك بالإلزامات وداخل تحت قوله ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) .
الطريقة الثالثة ما قاله الفخر وحاصله مع بيان أن يكون هذا مرتبطا بقوله ( إن الدين عند الله الإسلام ) أي فإن حاجوك في أن الدين عند الله الإسلام فقل : إني بالإسلام أسلمت وجهي لله فلا ألتفت إلى عبادة غيره مثلكم فديني الذي أرسلت به هو الدين عند الله ( أي هو الدين الحق وما أنتم عليه ليس دينا عند الله ) .
وعلى الطريقتين الأوليين في كلام المفسرين جعلوا قوله ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأمين أأسلمتم ) خارجا عن الحجة ؛ إذ لا علاقة بينه وبين كون الإسلام هو ملة إبراهيم ويكون مرادا منه الدعوة إلى الإسلام مرة أخرى بطريقة الاستفهام المستعمل في التحضيض كقوله ( فهل أنتم منتهون ) أي قل لأولئك : أتسلمون .
وعندي أن التعليق بالشرط لما اقتضى أنه للمستقبل فالمراد بفعل ( حاجوك ) الاستمرار على المحاجة : أي فإن استمر وفد نجران على محاجتهم فقل لهم قولا فصلا جامعا للفرق بين دينك الذي أرسلت به وبين ما هم متدينون به . فمعنى ( أسلمت وجهي لله ) أخلصت عبوديتي له لا أوجه وجهي إلى غيره فالمراد أن هذا كنه دين الإسلام وتبين أنه الدين الخالص وأنهم لا يلفون تدينهم على هذا الوصف .
وقوله ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ) معطوف على جملة الشرط المفرعة على ما قبلها فيدخل المعطوف في التفريع فيكون تقدير النظم : ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب فقل للذين كفروا بآيات الله الذين أوتوا الكتاب والأميين : أأسلمتم أي فكرر دعوتهم إلى الإسلام .
والاستفهام مستعمل في الاستبطاء والتحضيض كما في قوله تعالى ( فهل أنتم منتهون ) . وجيء بصيغة الماضي في قوله ( أأسلمتم ) دون أن يقول أتسلمون على خلاف مقتضى الظاهر للتنبيه على أنه يرجو تحقق إسلامهم حتى يكون كالحاصل في الماضي .
A E