وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والدين : حقيقته في الأصل الجزاء ثم صار حقيقة عرفية يطلق على : مجموع عقائد وأعمال يلقنها رسول من عند الله ويعد العاملين بها بالنعيم والمعرضين عنها بالعقاب . ثم أطلق على ما يشبه ذلك مما يضعه بعض زعماء الناس من تلقاء عقله فتلتزمه طائفة من الناس . وسمي الدين دينا لأنه يترقب منه متبعه الجزاء عاجلا أو آجلا فما من أهل دين إلا وهم يترقبون جزاء من رب ذلك الدين فالمشركون يطمعون في إعانة الآلهة ووساطتهم ورضاههم عنهم ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله وقال أبو سفيان يوم أحد : أعل هبل . وقال يوم فتح مكة لما قال له العباس : أما آن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله : ( لقد علمت أن لو كان معه إله غيره لقد أغنى عني شيئا ) . وأهل الأديان الإلهية يترقبون الجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة فأول دين إلهي كان حقا وبه كان اهتداء الإنسان ثم طرأت الأديان المكذوبة وتشبهت بالأديان الصحيحة قال الله تعالى تعليما لرسوله ( لكم دينكم ولي دين ) وقال ( ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ) .
وقد عرف العلماء الدين الصحيح بأنه ( وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير باطنا وظاهرا ) .
والإسلام علم بالغلبة على مجموع الدين الذي جاء به محمد A كما أطلق على ذلك الإيمان أيضا ولذلك لقب أتباع هذا الدين بالمسلمين وبالمؤمنين وهو الإطلاق المراد به هنا وهو تسمية بمصدر أسلم إذا أذعن ولم يعاند إذعانان عن اعتراف بحق لا عن عجز وهذا اللقب أولى بالإطلاق على هذا الدين من لقب الإيمان ؛ لأن الإسلام هو المظهر البين لمتابعة الرسول فيما جاء به من الحق واطراح كل حائل يحول دون ذلك بخلاف الإيمان فإنه اعتقاد قلبي ولذلك قال الله تعالى ( هو سماكم المسلمين ) وقال ( فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني ) ولأن الإسلام لا يكون إلا عن اعتقاد لأن الفعل أثر الإدراك بخلاف العكس فقد يكون الاعتقاد مع المكابرة .
وربما أطلق الإسلام على خصوص الأعمال ؛ والإيمان على الاعتقاد وهو إطلاق مناسب لحالتي التفكيك بين الأمرين في الواقع كما في قوله تعالى خطابا لقوم أسلموا مترددين ( قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) أو التفكيك في تصوير الماهية عند التعليم لحقائق المعاني الشرعية أو اللغوية كما وقع في حديث جبريل : من ذكر معنى الإيمان والإسلام والإحسان .
والتعريف في الدين تعريف الجنس إذ لا يستقيم معنى العهد الخارجي هنا وتعريف الإسلام تعريف العلم بالغلبة : لأن الإسلام صار علما بالغلبة على الدين المحمدي .
فقوله : ( إن الدين عند الله الإسلام ) صيغة حصر وهي تقتضي في اللسان حصر المسند إليه وهو الدين في المسند وهو الإسلام على قاعدة الحصر بتعريف جزئي الجملة أي لا دين إلا الإسلام وقد أكد هذا الانحصار بحرف التوكيد .
وقوله ( عند الله ) وصف للدين والعندية عندية الاعتبار والاعتناء وليست عندية علم : فأفاد أن الدين الصحيح هو الإسلام فيكون قصرا للمسند إليه باعتبار قيد فيه لا في جميع اعتباراته : نظير قول الخنساء : .
إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا فحصرت الحسن في بكائه قاعدة أن المقصور هو الحسن لأنه هو المعرف باللام وهذا الحصر باعتبار التقييد بوقت قبح البكاء على القتلى وهو قصر حسن بكائها على ذلك الوقت ليكون لبكائها على صخر مزية زائدة على بكاء القتلى المتعارف وإن أبى اعتبار القصر في البيت أصلا صاحب المطول .
وإذ قد جاءت أديان صحيحة أمر الله بها فالحصر مؤول : إما باعتبار أن الدين الصحيح عند الله حين الإخبار وهو الإسلام لأن الخبر ينظر إلى وقت الإخبار ؛ إذ الأخبار كلها حقائق في الحال ولا شك أن وقت الإخبار ليس فيه دين صحيح غير الإسلام ؛ إذ قد عرض لبقية الأديان الإلهية من خلط الفاسد بالصحيح ما اختل لأجله مجموع الدين وإما باعتبار الكمال عند الله فيكون القصر باعتبار سائر الأزمان والعصور ؛ إذ لا أكمل من هذا الدين وما تقدمه من الأديان لم يكن بالغا غاية المراد من البشر في صلاح شؤونهم وهذا المعنى أولى محملي الآية لأن مفاده أعم وتعبيره عن حاصل صفة دين الإسلام تجاه بقية الأديان الإلهية أتم .
A E