وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( الصابرين والصادقين ) الآية صفات ( للذين اتقوا ) أو صفات للذين يقولون والظاهر الأول . وذكر هنا أصول فضائل صفات المتدينين : وهي الصبر الذي هو ملاك فعل الطاعات وترك المعاصي . والصدق الذي هو ملاك الاستقامة وبث الثقة بين أفراد الأمة . والقنوت وهو ملازمة العبادات في أوقاتها وإتقانها وهو عبادة نفسية جسدية . والإنفاق وهو أصل إقامة أود الأمة بكفاية حاج المحتاجين وهو قربة مالية والمال شقيق النفس . وزاد الاستغفار بالأسحار وهو الدعاء والصلاة المشتملة عليه في أواخر الليل والسحر سدس الليل الأخير ؛ لأن العبادة فيد أشد إخلاصا لما في ذلك الوقت من هدوء النفوس ولدلالته على اهتمام صاحبه بأمر آخرته فاختار له هؤلاء الصادقون آخر الليل لأنه وقت صفاء السرائر والتجرد عن الشواغل .
وعطف الصفات في قوله : ( الصابرين ) وما بعده : سواء كان قوله ( الصابرين ) صفة ثانية بعد قوله ( الذين يقولون ) أم كان ابتداء الصفات بعد البيان طريقة ثانية من طريقتي تعداد الصفات في الذكر في كلامهم فيكون بالعطف وبدونه مثل تعدد الأخبار والأحوال ؛ إذ ليست حروف العطف بمقصورة على تشريك الذوات . وفي الكشاف ؛ أن في عطف الصفات نكتة زائدة على ذكرها بدون العطف وهي الإشارة إلى كمال الموصوف في كل صفة منها وأحال تفصيله على ما تقدم له في قوله تعالى ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك ) مع أنه لم يبين هنالك شيئا من هذا وسكت الكاتبون عن بيان ذلك هنا وهناك وكلامه يقتضي أن الأصل عنده في تعدد الصفات والأخبار ترك العطف فلذلك يكون عطفها مؤذنا بمعنى خصوصي يقصد البيلغ ولعل وجهه أن شأن حرف العطف أن يستغنى به عن تكرير العامل فيناسب المعمولات وليس كذلك الصفات فإذا عطفت فقد نزلت كل صفة منزلة ذات مستقلة وما ذلك إلا لقوة الموصوف في تلك الصفة حتى كأن الواحد صار عددا كقولهم واحد كألف ولا أحسب لهذا الكلام تسليما . وقد تقدم عطف الصفات عند قوله تعالى ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك ) في سورة البقرة .
( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم [ 18 ] ) استئناف وتمهيد لقوله ( إن الدين عند الله الإسلام ) ذلك أن أساس الإسلام هو توحيد الله . وإعلان هذا التوحيد وتخليصه من شوائب الإشراك وفيه تعريض بالمشركين وبالنصارى واليهود وإن تفاوتوا في مراتب الإشراك وفيه ضرب من رد العجز على الصدر : لأنه يؤكد ما افتتحت به السورة من قوله ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق ) .
والشهادة حقيقتها خبر يصدق به خبر مخبر وقد يكذب به خبر آخر كما تقدم عند قوله تعالى ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) في سورة البقرة . وإذ قد كان شأنه أن يكون للتصديق والتكذيب في الحقوق كان مظنة اهتمام المخبر به والتثبت فيه فلذلك أطلق مجازا على الخبر الذي لا ينبغي أن يشك فيه قال تعالى ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) وذلك على سبيل المجاز المرسل بعلاقة التلازم فشهادة الله تحقيقه وحدانيته بالدلائل التي نصبها على ذلك وشهادة الملائكة تحقيقهم ذلك فيما بينهم وتبليغ بعضهم ذلك إلى الرسل وشهادة أولي العلم تحقيقهم ذلك بالحجج والأدلة .
فإطلاق الشهادة على هذه الأخبار مجاز بعلاقة اللزوم أو تشبيه الإخبار بالإخبار أو المخبر بالمخبر ولك أن تجعل ( شهد ) بمعنى بين وأقام الأدلة شبه إقامة الأدلة على وحدانيته : من إيجاد المخلوقات ونصب الأدلة العقيلة بشهادة الشاهد بتصديق الدعوى في البيان والكشف على طريق الاستعارة التبعية وبين ذلك الملائكة بما نزلوا به من الوحي على الرسل وما نطقوا به من محامد وبين ذلك أولو العلم بما أقاموا من الحجج على الملاحدة ولك أن تجعل شهادة الله بمعنى الدلالة ونصب الأدلة وشهادة الملائكة وأولي العلم بمعنى آخر وهو الإقرار أو بمعنيين : إقرار الملائكة واحتجاج أولي العلم ثم تبنيه على استعمال شهد في معان مجازية مثل : ( إن الله وملائكته يصلون ) أو على استعمال شهد في مجاز أعم وهو الإظهار حتى يكون نصب الأدلة والإقرار والاحتجاج من أفراد ذلك العام بناء على عموم المجاز .
A E