وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والشهوات جمع شهوة وأصل الشهوة مصدر شهي كرضي والشهوة بزنة المرة وأكثر استعمال مصدر شهي أن يكون بزنة المرة . وأطلقت الشهوات هنا على الأشياء المشتهاة على وجه المبالغة في قوة الوصف وتعليق التزيين بالحب جرى على خلاف مقتضى الظاهر ؛ لأن المزين للناس هو الشهوات أي المشتهيات نفسها لا حبها فإذا زينت لهم أحبوها ؛ فإن الحب ينشأ عن الاستحسان وليس الحب بمزين وهذا إيجاز يغني عن أن يقال زينت للناس الشهوات فأحبوها وقد سكت المفسرون عن وجه نظم الكلام بهذا التعليق .
والوجه عندي إما أن يجعل ( حب الشهوات ) مصدرا نائبا عن مفعول مطلق مبينا لنوع التزيين : أي زين لهم تزيين حب وهو أشد التزيين وجعل المفعول المطلق نائبا عن الفاعل وأصل الكلام : زين للناس الشهوات حبا فحول وأضيف إلى النائب عن الفاعل وجعل نائبا عن الفاعل كما جعل مفعولا في قوله تعالى ( فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي ) . وإما أن يجعل حب مصدرا بمعنى المفعول أي محبوب الشهوات أي الشهوات المحبوبة . وإما أن يجعل زين كناية مرادا به لازم التزيين وهو إقبال النفس على ما في المزين من المستحسنات مع ستر ما فيه من الأضرار فعبر عن ذلك بالتزيين أي تحسين ما ليس بخالص الحسن فإن مشتهيات الناس تشمل على أمور ملائمة مقبولة وقد تكون في كثير منها مضار أشهدها أنها تشغل عن كمالات كثيرة فلذلك كانت كالشيء المزين تغطي نقائصه بالمزينات وبذلك لم يبق في تعليق زين بحب إشكال .
وحذف فاعل التزيين لخفائه عن إدراك عموم المخاطبين لأن ما يدل على الغرائز والسجايا لما جهل فاعله في متعارف العموم كان الشأن إسناد أفعاله للمجهول : كقولهم عني بكذا واضطر إلى كذا لا سيما إذا كان المراد الكناية عن لازم التزيين وهو الإغضاء عما في المزين من المساوي ؛ لأن الفاعل لم يبق مقصودا بحال والمزين في نفس الأمر هو إدراك الإنسان الذي أحب الشهوات وذلك أمر جبلي جعله الله في نظام الخلقة قال تعالى ( وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ) .
ولما رجع التزيين إلى انفعال في الجبلة كان فاعله على الحقيقة هو خالق هذه الجبلات فالمزين هو الله بخلقه لا بدعوته وروي مثل هذا عن عمر بن الخطاب وإذا التفتنا إلى الأسباب القريبة المباشرة . كان المزين هو ميل النفس إلى المشتهى أو ترغيب الداعين إلى تناول الشهوات : من الخلان والقرناء وعن الحسن : المزين هو الشيطان وكأنه ذهب إلى أن التزيين بمعنى التسويل والترغيب بالوسوسة للشهوات الذميمة والفساد وقصره على هذا وهو بعيد لأن تزيين هذه الشهوات في ذاته قد يوافق وجه الإباحة والطاعة فليس يلازمها تسويل الشيطان إلا إذا جعلها وسائل للحرام وفي الحديث " قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر . فقال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " وسياق الآية تفضيل معالي الأمور وصالح الأعمال على المشتهيات المخلوطة أنواعها بحلال منها وحرام والمعرضة للزوال فإن الكمال بتزكية النفس لتبلغ الدرجات القدسية وتناول النعيم الأبدي العظيم كما أشار إليه قوله ( ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) .
وبيان الشهوات بالنساء والبنين وما بعدهما بيان بأصول الشهوات البشرية : التي تجمع مشتهيات كثيرة والتي لا تختلف باختلاف الأمم والعصور والأقطار فالميل إلى النساء مركوز في الطبع وضعه الله تعالى لحكمة بقاء النوع بداعي طلب التناسل ؛ إذ المرأة هي موضع التناسل فجعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلف ربما تعقبه سآمة وفي الحديث : " ما تركت بعدي فتنتة أشد على الرجال من فتنة النساء " ولم يذكر الرجال لأن ميل النساء إلى الرجال أضعف في الطبع وإنما تحصل المحبة منهن للرجال بالإلف والإحسان .
A E