وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد مر الكلام على وقوع لفظ شيء عند قوله ( ولنبلونكم بشيء من الخوف ) . وإنما خص الأموال والأولاد من بين أعلاق الذي كفروا ؛ لأن الغناء يكون بالفداء لمال كدفع الديات والغرامات ويكون بالنصر والقتال وأولى من يدافع عن الرجل من عشريته أبناؤه وعن القبيلة أبناؤها قال قيس بن الخطيم : .
ثأرت عديا والخطيم ولم أضع ... ولاية أشياخ جعلت إزاءها والأموال المكاسب التي تقتات وتدخر ويتعاوض بها وهي جمع مال وغلب اسم المال في كلام جل العرب على الإبل قال زهير : .
" صحيحات مال طالعات بمخرم وغلب في كلام أهل الزرع والحرث على الجنات والحوائط وفي الحديث " كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا وكان أحب أمواله إليه بئرحاء ويطلق المال غالبا على الدراهم والدنانير كما في قول النبي A للعباس أين المال الذي عند أم الفضل " .
والظاهر أن هذا وعيد بعذاب الدنيا ؛ لأنه شبه بأنه ( كدأب آل فرعون ) إلى قوله ( فأخذهم الله بذنوبهم ) وشأن المشبه به أن يكون معلوما ؛ ولأنه عطف عليه عذاب الآخرة في قوله ( وأولئك هم وقود النار ) .
وجيء بالإشارة في قوله ( وأولئك ) لاستحضارهم كأنهم بحيث يشار إلهم وللتنبيه على أنهم أحرياء بما سيأتي من الخبر وهو قوله ( هم وقود النار ) . وعطفت هذه الجملة ولم تفصل ؛ لأن المراد من التي قبلها وعيد في الدنيا وهذه في وعيد الآخرة بقرينة قوله في الآية التي بعد هذه : ( ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد ) .
والوقود بفتح الواو ما يوقد به كالضوء وقد تقدم نظيره في قوله ( التي وقودها الناس والحجارة ) في سورة البقرة .
وقوله ( كدأب آل فرعون ) موقع كاف التشبيه موقع خبر لمبتدأ محذوف يدل عليه المشبه به والتقدير : دأبهم في ذلك كدأب آل فرعون أي عادتهم وشأنهم كشأن آل فرعون .
والدأب : أصله الكدح في العمل وتكريره وكأن أصل فعله متعد ولذلك جاء مصدره على فعل ثم أطلق على العادة لأنها تأتي من كثرة العمل فصار حقيقة شائعة قال النابغة : .
" كدأبك في قوم أراك اصطنعتهم أي عادتك ثم استعمل الشأن كقول امرئ القيس : .
" كدأبك من أم الحويرث قبلها وهو المراد هنا في قوله ( كدأب آل فرعون ) والمعنى : شأنهم في ذلك كشأن آل فرعون ؛ إذ ليس في ذلك عادة متكررة وقد ضرب الله لهم هذا المثل عبرة وموعظة ؛ لأنهم إذا استقروا الأمم التي أصابها العذاب وجدوا جميعهم قد تماثلوا في الكفر : بالله وبرسله وبآياته وكفى بهذا الاستقراء موعظة لأمثال مشركي العرب وقد تعين أن يكون المشبه به هو وعيد الاستئصال والعذاب في الدنيا ؛ إذ الأصل أن حال المشبه أظهر من حال المشبه به عند السامع .
وعليه فالأخذ في قوله ( فأخذهم الله بذنوبهم ) هو أخذ الانتقام في الدنيا كقوله ( أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا ) .
وأريد بآل فرعون فرعون وآله ؛ لأن الآل يطلق على أشد الناس اختصاصا بالمضاف إليه والاختصاص هنا اختصاص في المتابعة والتوطؤ على الكفر كقوله ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) فلذكر الآل هنا من الخصوصية ما ليس لذكر القوم ؛ إذ قوم الرجل قد يخالفونه فلا يدل الحكم المتعلق بهم على أنه مساو لهم في الحكم قال تعالى ( ألا بعدا لعاد قوم هود ) في كثير من الآيات نظائرها وقال ( أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ) .
وقوله ( كذبوا ) بيان لدأبهم استئناف بياني . وتخصيص آل فرعون بالذكر من بين بقية الأمم لأن هلكهم معلوم عند أهل الكتاب بخلاف هلك عاد وثمود فهو عند العرب أشهر ؛ ولأن تحدي موسى إياهم كان بآيات عظيمة فما أغنتهم شيئا تجاه ضلالهم ؛ ولأنهم كانوا أقرب الأمم عهدا بزمان النبي A فهو كقول شعيب ( وما قوم لوط منكم ببعيد ) وكقول الله تعالى للمشركين ( وإنها لبسبيل مقيم ) وقوله ( وإنهما لبإمام مبين ) وقوله ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ) .
A E