وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ) استحضروا عند طلب الرحمة أحوج ما يكونون إليها وهو يوم تكون الرحمة سببا للفوز الأبدي فأعقبوا بذكر هذا اليوم دعاءهم على سبيل الإيجاز كأنهم قالوا : هب لنا من لدنك رحمة وخاصة يوم تجمع الناس كقول إبراهيم ( ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ) . على ما في تذكر يوم الجمع من المناسبة بعد ذكر أحوال الغواة والمهتدين والعلماء والراسخين .
ومعنى ( لا ريب فيه ) لا ريب فيه جديرا بالوقوع فالمراد نفي الريب في وقوعه . ونفوه على طريقة نفي الجنس لعدم الاعتداد بارتياب المرتابين هذا إذا جعلت ( فيه ) خبرا ولك أن تجعله صفة لريب وتجعل الخبر محذوفا على طريقة لا النافية للجنس فيكون التقدير : عندنا أو لنا .
وجملة ( إن الله لا يخلف الميعاد ) تعليل لنفي الريب أي لأن الله وعد بجمع الناس له فلا يخلف ذلك والمعنى : إن الله لا يخلف خبره والميعاد هنا اسم مكان .
( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار [ 10 ] كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب [ 11 ] ) استئناف كلام ناشئ عن حكاية ما دعا به المؤمنون : من دوام الهداية وسؤال الرحمة وانتظار الفوز يوم القيامة بذكر حال الكافرين في ذلك اليوم على عادة القرآن في إرداف البشارة بالنذارة . وتعقيب دعاء المؤمنين بذكر حال المشركين إيماء إلى أن دعوتهم استجيبت . والمراد بالذين كفروا : المشركون وهذا وصف غالب عليهم في اصطلاح القرآن وقيل : الذين كفروا بنبوة محمد A أريد هنا قريظة والنضير وأهل نجران ؛ ويرجح هذا بأنهم ذكروا بحال فرعون دون حال عاد وثمود فأن اليهود والنصارى أعلق بأخبار فرعون . كما أن العرب أعلق بأخبار عاد وثمود وأن الرد على النصارى من أهم أغراض هذه السورة . ويجوز أن يكون المراد جميع الكافرين : من المشركين وأهل الكتابين ويكون التذكير بفرعون لأن وعيد اليهود في هذه الآية أهم .
ومعنى ( تغني ) تجزي وتكفي وتدفع وهو فعل قاصر يتعدى إلى المفعول بعن نحو ( ما أغنى عني ماليه ) .
ولدلالة هذا الفعل على الإجزاء والدفع كان مؤذنا بأن هنالك شيئا يدفع ضره وتكفى كلفته فلذلك قد يذكرون مع هذا الفعل متعلقا ثانيا ويعدون الفعل إليه بحرف ( من ) كما في هذه الآية فتكون ( من ) للبدل والعوض على ما ذهب إليه في الكشاف وجعل ابن عطية ( من ) للابتداء .
وقوله ( من الله ) أي من أمر يضاف إلى الله ؛ لأن تعليق هذا الفعل تعليقا ثانيا باسم ذات لا يقصد منه إلا أخص حال اشتهرت به أو في الغرض المسوق له الكلام فيقدر معنى اسم مضاف إلى اسم الجلالة . والتقدير هنا من رحمة الله أو من طاعته إذا كانت ( من ) للبدل وكذا قدره في الكشاف ونظره بقوله تعالى ( وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) . وعلى جعل ( من ) للابتداء كما قال ابن عطية تقدر من غضب الله أو من عذابه أي غناء مبتدئا من ذلك : على حد قولهم : نجاه من كذا أي فصله منه ولا يلزم أن تكون ( من ) مع هذا الفعل إذا عدي بعن مماثلة لمن الواقعة بعد هذا الفعل الذي لم يعد بعن لإمكان اختلاف معنى التعلق باختلاف مساق الكلام . والغالب أن يأتوا بعد فعل أغنى بلفظ ( شيء ) مع ذكر المتعلقين كما في الآية وبدون ذكر متعلقين كما في قول أبي سفيان يوم أسلم : ( لقد علمت أن لو كان معه إله غيره لقد أغنى عني شيئا ) .
وانتصب قوله ( شيئا ) على النيابة عن المفعول المطلق أي شيئا من الغناء . وتنكيره للتحقير أي غناء ضعيفا بله الغناء لهم ولا يجوز أن يكون مفعول به لعدم استقامة معنى الفعل في التعدي .
وقد ظهر بهذا كيفية تصرف هذا الفعل التصرف العجيب في كلامهم وانفتح لك ما انغلق من عبارة الكشاف وما دونها في معنى هذا التركيب .
A E