وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب [ 8 ] ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد [ 9 ] ) دعاء علمه النبي صلى الله عليه وسلم تعليما للأمة : لأن الموقع المحكي موقع عبرة ومثار لهواجس الخوف من سوء المصير إلى حال الذين في قلوبهم زيغ فما هم إلا من عقلاء البشر لا تفاوت بينهم وبين الراسخين في الإنسانية ولا في سلامة العقول والمشاعر فما كان ضلالهم إلا من حرمانهم التوفيق واللطف ووسائل الاهتداء .
وقد علم من تعقيب قوله ( هو الذي أنزل عليك الكتاب ) الآيات بقوله ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) أن من جملة ما قصد بوصف الكتاب بأن منه محكما ومنه متشابها إيقاظ الأمة إلى ذلك لتكون على بصيرة في تدبر كتابها : تحذيرا لها من الوقوع في الضلال الذي أوقع الأمم في كثير منه وجود المتشابهات في كتبها وتحذيرا للمسلمين من اتباع البوارق الباطلة مثل ما وقع فيه بعض العرب من الردة والعصيان بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لتوهم أن التدين بالدين إنما كان لأجل وجود الرسول بينهم ولذلك كان أبو بكر يدعو بهذه الآية في صلاته مدة ارتداد من ارتد من العرب ففي الموطإ عن الصنابحي : أنه قال " قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصليت وراءه المغرب فقام في الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته يقرأ بأم القرآن وهذه الآية ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) الآية " .
فزيغ القلب يتسبب عن عوارض تعرض للعقل : من خلل في ذاته أو دواع من الخلطة أو الشهوة أو ضعف الإرادة تحول بالنفس عن الفضائل المتحلية بها إلى رذائل كانت تهجس بالنفس فتذودها النفس عنها بما استقر في النفس من تعاليم الخير المسماة بالهدى ولا يدري المؤمن ولا العاقل ولا الحكيم ولا المهذب : أية ساعة تحل فيها به أسباب الشقاء وكذلك لا يدري الشقي ولا المنهمك الأفن : أية ساعة تحف فيها به أسباب الإقلاع عما هو متلبس به من تغير خلق أو خلق أو تبدل خليط قال تعالى ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ) ولذا كان دأب القرآن قرن الثناء بالتحذير والبشارة بالإنذار .
وقوله ( بعد إذ هديتنا ) تحقيق للدعوة على سبيل التلطف ؛ إذ أسندوا الهدى إلى الله تعالى فكان ذلك كرما منه ولا يرجع الكريم في عطيته وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من السلب بعد العطاء .
وإذ : اسم للزمن الماضي متصرف وهي هنا متصرفة تصرفا قليلا ؛ لأنها لما أضيفت إليها الظرف كانت في معنى الظرفية ولما كانت غير منصوبة كانت فيها شائبة تصرف كما هي في يومئذ وحينئذ أي بعد زمن هدايتك إيانا .
وقوله ( وهب لنا من لدنك رحمة ) طلبوا أثر الدوام على الهدى وهو الرحمة في الدنيا والآخرة ومنع دواعي الزيغ والشر . وجعلت الرحمة من عند الله لأن تيسير أسبابها وتكوين مهيئاتها بتقدير الله ؛ إذ لو شاء الله لكان الإنسان معرضا لنزول المصائب والشرور في كل لمحة ؛ فإنه محفوف بموجودات كثيرة حية وغير حية هو تلقائها في غاية الضعف لولا لطف الله به إيقاظ عقله لاتقاء الحوادث وبإرشاده لاجتناب أفعال الشرور المهلكة وبإلهامه إلى ما فيه نفعه وبجعل تلك القوى الغالبة له قوى عمياء لا تهتدي سبيلا إلى قصده ولا تصادفه إلا على سبيل الندور ولهذا قال تعالى ( الله لطيف بعباده ) ومن أجلى مظاهر اللطف أحوال الاضطرار والالتجاء وقد كنت قلت كلمة " اللطف عند الاضطرار ) .
والقصر في قوله ( إنك أنت الوهاب ) للمبالغة لأجل كمال الصفة فيه تعالى ؛ لأن هبات الناس بالنسبة لما أفاض الله من الخيرات شيء لا يعبأ به . وفي هذه الجملة تأكيد بأن وبالجملة الاسمية وبطريق القصر .
A E