وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وسبب وقوع المتشابهات في القرآن : هو كونه دعوة وموعظة وتعليما وتشريعا باقيا ومعجزة وخوطب به قوم لم يسبق لهم عهد بالتعليم والتشريع فجاء على أسلوب مناسب لجمع هذه الأمور بحسب حال المخاطبين الذين لم يعتادوا الأساليب التدريسية أو الأمالي العلمية وإنما كانت هجيراهم الخطابة والمقاولة فأسلوب المواعظ والدعوة قريب من أسلوب الخطابة وهو لذلك لا يأتي على أساليب الكتب المؤلفة للعلم أو القوانين الموضوعة للتشريع فأودعت العلوم المقصودة منه في تضاعيف الموعظة والدعوة وكذلك أودع فيه التشريع فلا تجد أحكام نوع من المعاملات كالبيع متصلا بعضها ببعض بل تلفيه موزعا على حسب ما اقتضته مقامات الموعظة والدعوة ليخف تلقيه على السامعين ويعتادوا علم ما لم يألفوه في أسلوب قد ألفوه فكانت متفرقة يضم بعضها إلى بعض بالتدبر . ثم إن إلقاء تلك الأحكام كان في زمن طويل يزيد على عشرين سنة ألقي إليهم فيها من الأحكام بمقدار ما دعت إليه حاجتهم وتحملته مقدرتهم على أن بعض تشريعه أصول لا تتغير وبعضه فروع تختلف باختلاف أحوالهم فلذلك تجد بعضها عاما أو مطلقا أو مجملا وبعضها خاصا أو مقيدا أو مبينا فإذا كان بعض المجتهدين يرى تخصيص عموم بعض عموماته بخصوص بعض الخصوصيات مثلا فلعل بعضا منهم لا يتمسك إلا بعمومه حينئذ كالذي يرى الخاص والوارد بعد العام ناسخا فيحتاج إلى تعيين التاريخ ثم إن العلوم التي تعرض لها القرآن هي من العلوم العليا : وهي علوم فيما بعد الطبيعة وعلوم مراتب النفوس وعلوم النظام العمراني والحكمة وعلوم الحقوق . وفي ضيق اللغة الموضوعة عن الإيفاء بغايات المرادات في هاته العلوم وقصور حالة استعداد أفهام عموم المخاطبين لها ما أوجب تشابها في مدلولات الآيات الدالة عليها . وإعجاز القرآن : منه إعجاز نظمي ومنه إعجاز علمي وهو فن جليل من الإعجاز بينته في المقدمة العاشرة من مقدمات هذا التفسير . فلما تعرض القرآن إلى بعض دلائل الأكوان وخصائصها فيما تعرض إليه جاء به محكيا بعبارة تصلح لحكاية حالته على ما هو في نفس الأمر وربما إدراك كنه حالته في نفس الأمر مجهولا لأقوام فيعدون تلك الآي الدالة عليه من المتشابه فإذا جاء من بعدهم علموا أن ما عده الذين قبلهم متشابها ما هو إلا محكم .
على أن من مقاصد القرآن أمرين آخرين : أحدهما كونه شريعة دائمة وذلك يقتضي فتح أبواب عباراته لمختلف استنباط المستنبطين حتى تؤخذ منه أحكام الأولين والآخرين وثانيهما تعويد حملة هذه الشريعة وعلماء هذه الأمة بالتنقيب والبحث واستخراج المقاصد من عويصات الأدلة حتى تكون طبقات علماء الأمة صالحة في كل زمان لفهم تشريع الشارع ومقصده من التشريع فيكونوا قادرين على استنباط الأحكام التشريعية ولو صيغ لهم التشريع في أسلوب سهل التناول لاعتادوا العكوف على ما بين أنظارهم في المطالعة الواحدة . من أجل هذا كانت صلوحية عباراته لاختلاف منازع المجتهدين قائمة مقام تلاحق المؤلفين في تدوين كتب العلوم تبعا لاختلاف مراتب العصور .
فإذا علمت هذا علمت أصل السبب في وجود ما يسمى بالمتشابه في القرآن . وبقي أن نذكر لك مراتب التشابه وتفاوت أسبابها . وأنها فيما انتهى إليه استقراؤنا الآن عشر مراتب : أولاها : عان قصد إيداعها في القرآن وقصد إجمالها : إما لعدم قابلية البشر لفهمها ولو في الجملة إن قلنا بوجود المجمل الذي أستأثر الله بعلمه على ما سيأتي ونحن لا نختاره وإما لعدم قابليتهم لكنه فهمها فألقيت إليهم على وجه الجملة أو لعدم قابلية بعضهم في عصر أوجهة لفهمها بالكنه ومن هذا أحوال القيامة وبعض شؤون الربوبية كالإتيان في ظلل من الغمام والرؤية والكلام ونحو ذلك .
وثانيتها : معان قصد إشعار المسلمين بها وتعين إجمالها مع إمكان حملها على معان معلومة لكن بتأويلات : كحروف أوائل السور ونحو ( الرحمان على العرش استوى ) ( ثم استوى إلى السماء ) .
ثالثتها : معان عالية ضاقت عن إيفاء كنهها اللغة الموضوعة لأقصى ما هو متعارف أهلها فعبر عن تلك المعاني بأقصى ما يقرب معانيها إلى الأفهام وهذا مثل أكثر صفات الله نحو الرحمان الرؤوف المتكبر نور السماوات والأرض .
A E