وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ودل تعريف الجزأين على قصر صفة التصوير عليه تعالى وهو قصر حقيقي لأنه كذلك في الواقع ؛ إذ هو مكون أسباب ذلك التصوير وهذا إيماء إلى كشف شبهة النصارى إذ توهموا أن تخلق عيسى بدوم ماء أب دليل على أنه غير بشر وأنه إله وجهلوا أن التصوير في الأرحام وإن اختلفت كيفياته لا يخرج عن كونه خلقا لما كان معدوما فكيف يكون ذلك المخلوق المصور في الرحم إلها .
( لا إله إلا هو العزيز الحكيم [ 6 ] ) تذييل لتقرير الأحكام المتقدمة . وتقدم معنى العزيز الحكيم في قوله تعالى : ( فاعلموا أن الله عزيز حكيم ) وفي افتتاح السورة بهذه الآيات براعة استهلال لنزولها في مجادلة نصارى نجران ولذلك تكرر في هذا الطالع قصر الإلهية على الله تعالى في قوله ( الله لا إله إلا هو ) وقوله ( هو الذي يصوركم ) وقوله ( لا إله إلا هو ) .
( هو الذي أنزل عليك الكتب منه آيات محكمات هن أم الكتب وأخر متشابهات ) استئناف ثالث بإخبار عن شأن من شؤون الله تعالى متعلق بالغرض المسوق له الكلام : وهو تحقيق إنزاله القرآن والكتابين من قبله فهذا الاستئناف مؤكد لمضمون قوله ( نزل عليك الكتب بالحق ) وتميهد لقوله ( منه آيات محكمات ) لأن الآيات نزلت في مجادلة وفد نجران وصدرت بإبطال عقيدتهم في إلهية المسيح : بالإشارة إلى أوصاف الإله الحقة توجه الكلام هنا إلى إزالة شبهتهم في شأن زعمهم اعتراف نصوص القرآن بإلهية المسيح ؛ إذ وصف فيها بأنه روح الله ؛ وأنه يحي الموتى وأنه كلمة الله وغير ذلك فنودي عليهم بأن ما تعلقوا به تعلق اشتباه وسوء تأويل .
وفي قوله ( هو الذي أنزل عليك الكتاب ) قصر صفة إنزال القرآن على الله تعالى : لتكون الجملة مع كونها تأكيدا وتمهيدا إبطالا أيضا لقول المشركين : ( إنما يعلمه بشر ) وقولهم ( أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) . وكقوله ( وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون ) وذلك أنهم قالوا : هو قول كاهن وقول شاعر واعتقدوا أن أقوال الكهان وأقوال الشعراء من إملاء الارئياء " جمع رئي " .
ومن بدائع البلاغة أن ذكر في القصر فعل أنزل الذي هو مختص بالله تعالى ولو بدون صيغة القصر إذ الإنزال يرادف الوحي ولا يكون إلا من الله بخلاف ما لو قال هو الذي آتاك الكتاب .
وضمير ( منه ) عائد إلى القرآن . و ( منه ) خبر مقدم و ( آيات محكمات ) مبتدأ .
والإحكام في الأصل المنع ؛ قال جرير : .
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكم أن أغضبا واستعمل الإحكام في الإتقان والتوثيق ؛ لأن ذلك يمنع تطرق ما يضاد المقصود ولذا سميت الحكمة حكمة وهو حقيقة أو مجاز مشهور .
أطلق المحكم في هذه الآية على واضح الدلالة على سبيل الاستعارة لأن في وضوح الدلالة منعا لتطرق الاحتمالات الموجبة للتردد في المراد .
وأطلق التشابه هنا على خفاء الدلالة على المعنى على طريقة الاستعارة لأن تطرق الاحتمال في معاني الكلام يفضي إلى عدم تعين أحد الاحتمالات وذلك مثل تشابه الذوات في عدم تمييز بعضها عن بعض .
وقوله ( أم الكتاب ) أم الشيء أصله وما ينضم إليه كثيرة وتتفرع عنه فروعه ومنه سميت خريطة الرأس الجامعة له : أم الرأس وهي الدماغ وسميت الراية الأم ؛ لأن الجيش ينضوي إليها وسميت المدينة العظيمة أم القرى وأصل ذلك أن الأم حقيقة في الوالدة وهي أصل للمولود وجامع للأولاد في الحضانة فباعتبار هذين المعنيين أطلق اسم الأم على ما ذكرنا على وجه التشبيه البليغ . ثم شاع ذلك الإطلاق حتى ساوى الحقيقة وتقدم ذلك في تسمية الفاتحة أم القرآن .
والكتاب : القرآن لا محالة ؛ لأنه المتحدث عنه بقوله ( هو الذي أنزل عليك الكتاب ) فليس قوله ( أم الكتاب ) هنا بمثل قوله ( وعنده أم الكتاب ) .
وقوله ( وأخر متشابهات ) المتشابهات المتماثلات والتماثل يكون في صفات كثيرة فيبين بما يدل على وجه التماثل وقد يترك بيانه إذا كان وجه التماثل ظاهرا كما في قوله تعالى ( إن البقر تشابه علينا ) ولم يذكر في هذه الآية جهة التشابه .
A E