وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

استئناف بياني ممهد إليه بقوله ( نزل عليك الكتاب بالحق ) لأن نفس السامع تتطلع إلى معرفة عاقبة الذين أنكروا هذا التنزيل .
وشمل قوله ( الذين كفروا بآيات الله ) المشركين واليهود والنصارى في مرتبة واحدة لأن جميعهم اشتركوا في الكفر بالقرآن وهو المراد بآيات الله هنا لأنه الكتاب الوحيد الذي يصح أن يوصف بأنه آية من آيات الله ؛ لأنه معجزة . وعبر عنهم بالوصول إيجازا ؛ لأن الصلة تجمعهم والإيماء إلى وجه بناء الخبر وهو قوله ( لهم عذاب شديد ) .
وعطف قوله ( والله عزيز ذو انتقام ) على قوله ( إن الذين كفروا بآيات الله ) لأنه من تكملة هذا الاستئناف : لمجيئه مجيء التبيين لشدة عذابهم ؛ إذ هو عذاب عزيز منتقم كقوله ( فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ) .
والعزيز تقدم عند قوله تعالى في سورة البقرة ( فاعلموا أن الله عزيز حكيم ) .
والانتقام : العقاب على الاعتداء بغضب ولذلك قيل للكاره : ناقم . وجيء في هذا الوصف بكلمة ( ذو ) الدالة على الملك للإشارة إلى أنه انتقام عن اختيار لإقامة مصالح العباد وليس هو تعالى مندفعا للانتقام بدافع الطبع أو الحنق .
( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء [ 5 ] ) استئناف يتنزل منزلة البيان لوصف الحي لأن عموم العلم يبين كمال الحياة . وجيء ب ( شيء ) هنا لأنه من الأسماء العامة .
وقوله ( في الأرض ولا في السماء ) قصد منه عموم أمكنة الأشياء فالمراد هنا من الأرض الكرة الأرضية : بما فيها من بحار والمراد بالسماء جنس السماوات : وهي العوالم المتباعدة عن الأرض . وابتدئ في الذكر بالأرض ليتسنى التدرج في العطف إلى الأبعد في الحكم ؛ لأن أشياء الأرض يعلم كثيرا منها كثير من الناس أما أشياء السماء فلا يعلم أحد بعضها فضلا عن علم جميعها .
( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) استئناف ثان يبين شيئا من معنى القيومية فهو كبدل البعض من الكل وخص من بين شؤون القيومية تصوير البشر لأنه من أعجب مظاهر القدرة ؛ ولأن فيه تعريضا بالرد على النصارى في اعتقادهم إلهية عيسى من أجل أن الله صوره بكيفية غير معتادة فبين لهم أن الكيفيات العارضة للموجودات كلها من صنع الله وتصويره : سواء المعتاد وغير المعتاد .
و ( كيف ) هنا ليس فيها معنى الاستفهام بل هي دالة على مجرد معنى الكيفية ؛ أي الحالة فهي هنا مستعملة في أصلها الموضوعة له في اللغة ؛ إذ لا ريب في أن ( كيف ) مشتملة على حروف مادة الكيفية والتكيف وهو الحالة والهيئة وإن كان الأكثر في الاستعمال أن تكون اسم استفهام وليست ( كيف ) فعلا ؛ لأنها لا دلالة فيها على الزمان ولا حرفا لاشتمالها على مادة اشتقاق . وقد تجيء ( كيف ) اسم شرط إذا اتصلت بها ما الزائدة وفي كل ذلك لا تفارقها الدلالة على الحالة ولا يفارقها إيلاء الجملة الفعلية إياها إلا ما شذ من قولهم : كيف أنت . فإذا كانت استفهاما فالجملة بعدها هي المستفهم عنه فتكون معمولة للفعل الذي بعدها ملتزما تقديمها عليه ؛ لأن للاستفهام الصدارة وإذا جردت عن الاستفهام كان موقعها من الإعراب على حسب ما يطلبه الكلام الواقعة هي فيه من العوامل كسائر الأسماء .
وأما الجملة التي بعدها حينئذ فالأظهر أن تعتبر مضافا إليها اسم كيف ويعتبر كيف من الأسماء الملازمة للإضافة . وجرى في كلام بعض أهل العربية أن فتحة ( كيف ) فتحة بناء .
والأظهر عندي أن فتحة كيف فتحة نصب لزمتها لأنها دائما متصلة بالفعل فهي معمولة له على الحالية أو نحوها فلملازمة ذلك الفتح إياها أشبهت فتحة البناء .
فكيف في قوله هنا ( كيف يشاء ) يعرب مفعولا مطلقا ( ليصوركم ) إذ التقدير : حال تصوير يشاؤها كما قاله ابن هشام في قوله تعالى ( كيف فعل ربك ) .
وجوز صاحب المغني أن تكون شرطية والجواب محذوف لدلالة قوله ( يصوركم ) عليه وهو بعيد ؛ لأنها لا تأتي في الشرط إلا مقترنة بما . وأما قول الناس ( كيف شاء فعل ) فلحن . وكذلك جزم الفعل بعدها قد عد لحنا عند جمهور أئمة العربية .
A E