وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والأظهر انهم قوم فروا من عدوهم مع كثرتهم وأخلوا له الديار فوقعت لهم في طريقهم مصائب أشرفوا بها على الهلاك ثم بحوا أو أوبئة وأمراض كانت أعراضها تشبه أعراض الموت مثل داء السكت ثم برئوا منها : فهم غب حالهم تلك مثل قول الراجز : .
وخارج أخرجه حب الطمع ... فر من الموت وفي الموت وقع ويؤيد أنها إشارة إلى حادثة وليست مثلا قوله ( إن الله لذو فضل على الناس ) الآية ويؤيد أن المتحدث عنهم ليسوا من بني إسرائيل قوله تعالى ( ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى ) والآية تشير إلى معنى قوله تعالى ( إينما تكونوا يدرككم الموت ) وقوله ( قل لو كنتم في بيوتكم لبز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) .
فأما الذين قالوا إنهم قوم من بني إسرائيل أحياهم الله بدعوة حزقيال والذين قالوا إنما هذا مثل لا قصة واقعة فالظاهر أنهم أرادوا الرؤيا التي ذكرت في كتاب حزقيال في الإصحاح 37 منه إذ قال " أخرجني روح الرب وأنزلني في وسط بقعة ملآنة عظاما ومر بي من حولها وإذا هي كثيرة ويابسة فقال لي يابن آدم أتحيا هذه العظام فقلت يا سيدي أنت تعلم فقال لي تنبأ على هذه العظام وقل لها أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الرب فتقاربت العظام وإذا بالعصب والحكم كساها وبسط الجلد عليها من فوق وليس فيها روح فقال لي تنبأ للروح وقل قال الرب هلم يا روح من الرياح الأربع وهب على هؤلاء القتلى فتنبأت كما أمرني فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم جيش عظيم جدا جدا " وهذا مثل ضربه النبي لاستماتة قومه واستسلامهم لأعدائهم لأنه قال بعده ( هذه العظام هي كل بيوت إسرائيل هم يقولون يبست عظامنا وهلك رجاؤنا قد انقطعنا فتنبأ وقل لهم قال السيد الرب ها أنذا أفتح قبوركم وأصعدكم منها يا شعبي وآتي بكم إلى أرض إسرائيل وأجعل روحي فيكم فتحيون " فلعل هذا المثل مع الموضع الذي كانت فيه مراءى هذا النبي وهو الخابور وهو قرب واسط هو الذي حدا بعض أهل القصص إلى دعوى أن هؤلاء القوم من أهل داوردان : إذ لعل داوردان كانت بجهات الخابور الذي رأى عنده النبي حزقيال ما رأى .
وقوله تعالى ( فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ) القول فيه إما مجاز في التكوين والموت حقيقة أي جعل فيهم حالة الموت وهي وقوف القلب وذهاب الإدراك والإحساس استعيرت حالة تلقي المكون لأثر الإرادة بتلقي المأمور للأمر فأطلق على الحالة المشبهة المركب الدال على الحالة المشبه بها على طريقة التمثيل ثم أحياهم بزوال ذلك العارض فعلموا أنهم أصيبوا بما لو دام لكان موتا مستمرا وقد يكون هذا من الأدواء النادرة المشبهة داء السكت وإما أن يكون القول مجازا عن الإنذار بالموت والموت حقيقة أي أراهم الله مهالك شموا منها رائحة الموت ثم فرج الله عنهم فأحياهم .
وإما أن يكون كلاما حقيقيا بوحي الله لبعض الأنبياء والموت موت مجازي وهو أمر للتحقير شتما لهم ورماهم بالذل والصغار ثم أحياهم وثبت فيهم روح الشجاعة .
والمقصود من هذا موعظة المسلمين بترك الجبن وأن الخوف من الموت لا يدفع الموت فهؤلاء الذين ذرب بهم هذا المثل خرجوا من ديارهم خائفين من الموت فلم يغن خوفهم عنهم شيئا وأراهم الله الموت ثم أحياهم ليصير خلق الشجاعة لهم حاصلا بإدراك الحس .
ومحل العبرة من القصة : هو أنهم ذاقوا الموت الذي فروا منه ليعلموا أن الفرار لا يغني عنهم شيئا وأنهم ذاقوا الحياة بعد الموت ليعلموا أن الموت والحياة بيد الله كما قال تعالى ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل ) .
وجملة ( إن الله لذو فضل على الناس ) واقعة موقع التعليل لجملة ( ثم أحياهم ) والمقصود منها بث خلق الاعتماد على الله في نفوس المسلمين في جميع أمورهم وأنهم إن شكروا الله على ما آتاهم من النعم زادهم من فضله ويسر لهم ما هو صعب .
وجملة ( وقاتلوا في سبيل الله ) الآية هي المقصود الأول فإن ما قبلها تمهيد لها كما علمت وقد جعلت في النظم معطوفة على جملة ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ) عطفا على الاستئناف فيكون لها حكم جملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا ولولا طول الفصل بينها وبين جملة ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) لقلنا : إنها معطوفة عليها على أن اتصال الغرضين يلحقها بها بدون عطف .
A E