وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجعل صاحب الكشاف أو في قوله ( أو تفرضوا لهن فريضة ) بمعنى إلا أو حتى وهي التي ينتصب المضارع بعدها بأن واجبة الإضمار بناء على إمكانه هنا وعلى أنه أبعد عن الخفاء في دلالة أو العاطفة في سياق النفي على انتفاء كلا المتعاطفين ؛ إذ قد يتوهم أنها لنفي أحدهما كشأنها في الإثبات وبناء على أنه أنسب بقوله تعالى بعد ذلك ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة حيث اقتصر في التفصيل على أحد الأمرين : هو الطلاق قبل المسيس مع فرض الصداق ولم يذكر حكم الطلاق قبل المسيس أو بعده وقبل فرض الصداق فدل بذلك على أن الصورة لم تدخل في التقسيم السابق وذلك أنسب بأن تكون للاستثناء أو الغاية لا للعطف ولا يتوهم أن صاحب الكشاف أهمل تقدير العطف لعدم ايتقامته بل لأن غيره هنا أوضح وأنسب : يعني والمراد قد ظهر من الآية ظهورا لا يدع لتوهم قصد نفي أحد الأمرين خطورا بالأذهان ولهذا استدركه البيضاوي فجوز تقديرها عاطفة في هذه الآية .
وقد أفادت الآية حكما بمنطوقها : وهو أن المطلقة قبل البناء إذا لم يسم لها مهر لا تستحق شيئا من المال وهذا مجمع عليه فيما حكاه ابن العربي وحكي القرطبي عن حماد بن سليمان أن لها نصف صداق أمثالها والجمهور على خلافه وأن ليس لها إلا المتعة ثم اختلفوا في وجوبها كما سيأتي .
وهذا الحكم دلنا على أن الشريعة قد اعتبرت النكاح عقدا لازما بالقول واعتبرت المهر الذي هو من متماته غير لازم بمجرد صيغة النكاح بل يلزم بواحد من أمرين إما بصيغة تخصه وهي تعيين مقداره بالقول وهي المعبر عنها في الفقه بنكاح التسمية وإما بالفعل وهو الشروع في اجتناء المنفعة المقصودة ابتداء من النكاح وهي المسيس قالمهر إذن من توابع العقود التي لا تثبت بمجرد ثبوت متبوعها بل تحتاج إلى موجب آخر كالحوز في عقود التبرعات وفيه نظر والنفس لقول حماد بن سليمان أميل .
والآية دلت على مشروعية أصل الطلاق لما أشعرت بنفي الجناح عن الطلاق قبل المسيس وحيث أشعرت بإباحة بعض أنواعه : بالتصدي لبيان أحكامها ولما لم يتقدم لنا موضع هو أنسب بذكر مشروعية الطلاق من هذه الآية فنحن نبسط القول في ذلك : إن القانون العام لانتظام المعاشرة هو الوفاق : والأخلاق والأهواء والأميال وقد وجدنا المعاشرة نوعين : أولهما معاشرة حاصلة بحكم الضرورة وهي معاشرة النسب المختلفة في القوة والضعف بحسب شدة فرب النسب وبعده : كمعاشر الآباء مع الأبناء والإخوة بعضهم مع بعض وأبناء العم والعشيرة واختلافها في القوة والضعف يستتبع اختلافها في استغراق الأزمان فنجد في قصر زمن المعاشرة عند ضعف الآصرة ما فيه دافع للسآمة والتخالف الناشئين عما يتطرق إلى المتعاشرين من تنافر في الأهواء والأميال وقد جعل الله في مقدار قرب النسب تأثيرا في مقدار الملاءمة ؛ لأنه بمقدار قرب النسيب يكون التئام الذات مع الأخرى أقوى وأتم وتكون المحاكة والممارسة والتقارب أطول فنشأ من السببين الجبلي والاصطحابي ما يقوي اتحاد النفوس في الأهواء والأميال بحكم الجبلة وحكم التعود والإلف وهكذا يذهب ذلك السببان يتباعدان بمقدار ما يتباعد النسيب .
والنوع الثاني : معاشرة بحكم الاختيار وهي معاشرة الصحبة والخلة والحاجة والمعاونة وما هي إلا معاشرة مؤقتة : تطول أو تقصر وتستمر أو تغب بحسب قوة الداعي وضعفه وبحسب استطاعة الوفاء بحقوق تلك المعاشرة والتقصير في ذلك والتخلص من هذا النوع ممكن إذا لم تتحد الطباع .
A E