وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأخر الإكنان في الذكر للتنبيه على أنه أفضل وأبقى على ما للعدة من حرمة مع التنبيه على أنه نادر وقوعه لأنه لو قدمه لكان الانتقال من ذكر الإكنان إلى ذكر التعريض جاريا على مقتضى ظاهر نظم الكلام : في أن يكون اللاحق زائد المعنى على ما يشمله الكلام السابق فلم يتفطن السامع لهذه النكتة فلما خولف مقتضى الظاهر علم السامع أن هذه المخالفة ترمي إلى غرض كما هو شأن البليغ في مخالفة مقتضى الظاهر وقد زاد ذلك إيضاحا بقوله عقبه : ( علم الله أنكم ستذكرونهن ) أي علم أنكم لا تستطيعون كتمان ما في أنفسكم فأباح لكم التعريض تيسيرا عليكم فحصل بتأخير ذكر أو أكننتم فائدة أخرى وهي التمهيد لقوله ( علم الله أنكم ستذكرونهن ) وجاء النظم بديعا معجزا ولقد أهمل معظم المفسرين التعرض لفائدة هذا العطف وحاول الفخر توجيهه بما لا ينثلج له الصدر ووجهه ابن عرفة بما هو أقرب من توجيه الفخر ولكنه لا تطمئن له نفس البليغ .
فقوله ( ولكن لا تواعدوهن سرا ) استدراك دل عليه الكلام أي علم الله أنكم ستذكرونهن صراحة وتعريضا ؛ إذ لا يخلو ذو عزم من ذكر ما عزم عليه بأحد الطريقين ولما كان ذكر العلم في مثل هذا الموضع كناية عن الإذن كما تقول : علمت أنك تفعل كذا تريد : إني لا أؤاخذك لأنك لو كنت تؤاخذه وقد علمت فعله لآخذته كما قال : ( علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم ) هذا أظهر ما فسر به هذا الاستدراك وقيل : هذا استدراك على كلام محذوف : أي فاذكروهن ولكن لا تواعدوهن أي لا تصرحوا وتواعدوهن أي تعدوهن ويعدنكم بالتزوج .
والسر أصله ما قابل الجهر وكنى به عن قربان المرأة قال الأعشى : .
ولا تقربن جارة إن سرها ... عليك حرام فانكحن أو تأبدا وقال امرؤ القيس : .
ألا زعمت بسباسة الحي أنني ... كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي والظاهر أن المراد به في هاته الآية حقيقة فيكون سرا منصوبا على الوصف لمفعول مطلق أي وعدا صريحا سرا أي لا تكتموا المواعدة وهذا مبالغة في تجنب مواعدة صريح الخطبة في العدة . وقوله ( إلا أن تقولوا قولا معروفا ) استثناء من المفعول المطلق أي إلا وعدا معروفا وهو التعريض الذي سبق في قوله ( فيما عرضتم به ) فإن القول المعروف من أنواع الوعد إلا أنه غير صريح وإذا كان النهي عن المواعدة سرا علم النهي عن المواعدة جهرا بالأولى والاستثناء على هذا في قوله ( إلا أن تقولوا قولا معروفا ) متصل والقول المعروف هو المأذون فيه وهو التعريض فهو تأكيد لقوله ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به ) الآية .
وقيل : المراد بالسر هنا كناية أي تواعدوهن قربانا وكنى به عن النكاح أي الوعد الصريح بالنكاح فيكون سرا مفعولا به لتواعدوهن ويكون الاستثناء منقطعا لأن القول ليس من أنواع النكاح إذ النكاح عقد بإيجاب وقبول والقول خطبة : صراحة أو تعريضا وهذا بعيد : لأن فيه كناية على كناية وقيل غير ذلك مما لا ينبغي التعريج عليه فإن قلتم حظر : صريح الخطبة والمواعدة وإباحة التعريض بذلك يلوح بصور التعارض فإن مآل التصريح والتعريض واحد فإذا كان قد حصل بين الخاطب والمعتمدة العلم بأنه يخطبها وبأنها توافقه فما فائدة تعلق التحريم والتحليل بالألفاظ والأساليب إن كان المفاد واحد قلت : قصد الشارع من هذا حماية أن يكون التعجل ذريعة إلى الوقوع فيما يعطل حكمة العدة إذ لعل الخوض في ذلك يتخطى إلى باعث تعجل الراغب إلى عقد النكاح على المعتمدة بالبنت بها ؛ فإن دبيب الرغبة يوقع في الشهوة والمكاشفة تزيل ساتر الحياء فإن من الوازع الطبيعي الحياء الموجود في الرجل حينما يقصد مكاشفة المرأة بشيء من رغبته فيها والحياء في المرأة أشد حينما يواجهها بذلك الرجل وحينما تقصد إجابته لما يطلب منها فالتعريض أسلوب من أساليب الكلام يؤذن بما لصاحبه من وقار الحياء فهو يقبض عن التدرج إلى ما نهى عنه وإيذانه بهذا الاستحياء يزيد ما طبعت عليه المرأة من الحياء فتنقبض نفسها عن صريح الإجابة بله المواعدة فيبقى حجاب الحياء مسدولا بينهما وبرقع المروءة غير منضي وذلك من توفير شأن العدة فلذلك رخص التعريض تيسيرا على الناس ومنع التصريح إبقاء على حرمات العدة .
A E