وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعندي أن الحجة للجمهور ترجع إلى ما قدمناه من أن حكمة عدة الوفاة هي تيقن حفظ النسب فلما كان وضع الحمل أدل شيء على براءة الرحم كان مغنيا عن غيره وكان ابن مسعود يقول : " أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة " يريد أنها لو طال أمد حملها لما حلت وعن على وابن مسعود أن عدة الحامل في الوفاة أقصى الأجلين واختاره سحنون من المالكية فقال بعض المفسرين : إن في هذا القول جمعا بين مقتضى الآيتين وقال بعضهم : في هذا القول احتياط وهذه العبارة أحسن ؛ إذ ليس في الأخذ بأقصى الأجلين جمع بين الآيتين بالمعنى الأصولي ؛ لأن الجمع بين المتعارضين معناه أن يعمل بكل منهما : في حالة أو زمن أو أفراد غير ما اعمل فيه بالآخر بحيث يتحقق في صورة الجمع عمل بمقتضى المتعارضين معا ولذلك يسمون الجمع بإعمال النصين والمقصود من الاعتداد تحديد أمد التربص والانتظار فإذا نحن أخذنا بأقصى الأجلين أبطلنا مقتضى إحدى الآيتين لا محالة ؛ لأننا نلزم المتوفى عنها بتجاوز ما حددته لها إحدى الآيتين ولا نجد حالة تحقق فيها مقتضاها كما هو بين فأحسن العبارتين أن تعبر بالاحتياط : وهو أن الآيتين تعارضتا بعموم وخصوص وجهي فعمدنا إلى صورة التعارض وأعملنا فيها مرة مقتضى هذه الآية ومرة مقتضى الأخرى ترجيحا لأحد المقتضيين في كل موضع بمرجح الاحتياط فهو ترجيح لا جمع لكن حديث سبيعة في الصحيح أبطل هذا المسلك للترجيح كما أن ابتداء سورة الطلاق بقوله تعالى ( إذا طلقتم النساء ) ينادي على تخصيص عموم قوله ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) هنالك بالحوامل المطلقات وقد قيل : إن ابن عباس رجع إلى قول الجمهور وهو ظاهر حديث الموطأ في اختلافه وأبي سلمة في ذلك وإرسالهما من سأل أم سلمة رضى الله عنها فأخبرتهما بحديث سبيعة فإن قلت : كيف لا تلتفت السريعة على هذا إلى ما في طباع النساء من الحزن على وفاة أزواجهن ؟ وكيف لا تبقى بعد نسخ حزن الحول الكامل مدة ما يظهر فيها حال المرأة ؟ وكيف تحل الحامل للأزواج لو وضعت حملها وزوجها لما يوضع عن سريره كما وقع في قول عمر ؟ قلت : كان أهل الجاهلية يجعلون إحداد الحول فرضا على كل متوفى عنها والأزواج في هذا الحزن متفاوتان وكذلك هن متفاوتات في المقدرة على البقاء في الانتظار لقلة ذات اليد في غالب النساء فكن يصبرن على انتظار الحول راضيات أو كارهات فلما أبطل الشرع ذلك فيما أبطل من أوهام الجاهلية لم يكترث بأن يشرع للنساء حكما في هذا الشأن ووكله إلى ما يحدث في نفوسهن وجدتهن كما يوكل جميع الجبليات والطبعيات إلى الوجدان ؛ فإنه لم يعين للناس مقدار الأكلات والأسفار والحديث ونحو هذا . وإنما اهتم بالمقصد الشرعي : وهو حفظ الأنساب فإذا قصي حقه فقد بقي للنساء أن يفعلن في أنفسهم ما يشأن من المعروف كما قال ( فلا جناح عليكم فيما فعلن ) فإذا شاءت المرأة بعد انقضاء العدة أن تحبس نفسها فلتفعل .
أما الأزواج غير المدخول بهن فعليهن عدة الوفاة دون عدة الطلاق لعموم هذه الآية ولأن لهن الميراث فالعصمة تقررت بوجه معتبر حتى كانت سبب إرث وعدم الدخول بالزوجة لا ينفي احتمال أن يكون الزوج قد قاربها خفية إذ هي حلال له فأوجب عليها الاعتداد احتياطا لحفظ النسب ولذلك قال مالك وإن كان للنظر فيه مجال فقد تقاس المتوفى عنها زوجها الذي لم يدخل بها على التي طلقها زوجها قبل أن يمسها التي قال الله تعالى فيها ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) .
وقد ذكروا حديث بروع بنت واشق الأشجعية رواه الترمذي عن معقل بن سنان الأشجعي : أن رسول الله A قضي في بروع بنت واشق وقد مات زوجها ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها أن لها مثل صداق نسائها وعليها العدة ولها الميراث ولم يخالف أحد في وجوب الاعتداد عليها وإنما اختلفوا في وجوب مهر المثل لها .
A E