وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأجاب عنه الجمهور بأن راويه طاووس وقد روي بقية أصحاب ابن عباس عنه أنه قال من طلق امرأته ثلاثا فقد عصى ربه وبانت منه زوجه وهذا يوهن رواية طاووس فإن ابن عباس لا يخالف الصحابة إلى رأي نفسه حتى قال ابن عبد البر رواية طاووس وهم وغلط وعلى فرض صحتها فالمراد أن الناس كانوا يوقعون طلقة واحدة بدل إيقاع الناس ثلاث تطليقات وهو معنى قول عمر " إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة " فلو كان ذلك واقعا في زمن الرسول وأبي بكر لما قال عمر : إنهم استعجلوا ولا عابه عليهم وهذا جواب ضعيف قال أبو الوليد الباجي : الرواية عن طاووس بذلك صحيحة . وأقول : أما مخالفة ابن عباس لما رواه فلا يوهن الرواية كما تقرر في الأصول ونحن نأخذ بروايته وليس علينا أن نأخذ برأيه وأما ما تأولوه من أن المراد من الحديث أن الناس كانوا يوقعون طلقة واحدة بدل إيقاع الثلاث فهو تأويل غير صحيح ومناف لألفاظ الرواية ولقول عمر " فلو أمضيناه عليهم " فإن كان إمضاؤه عليهم سابقا من عهد الرسول لم يبق معنى لقوله ( فلو أمضيناه عليهم ) وإن لم يكن إمضاؤه سابقا بل كان غير ماض حصل المقصود من الاستدلال .
الخامسة ما رواه الدارقطني أن ركانة بن عبد يزيد المطلبي طلق زوجه ثلاثا في كلمة واحدة فسأل رسول الله A فقال له : إنما هي واحدة أو إنما تلك واحدة فأرجعها . وأجاب عنه أنصار الجمهور بأنه حديث مضطرب ؛ لأنه روى أن ركانة طلق وفي رواية أن يزيد بن ركانة طلق وفي رواية طلق زوجه ثلاثا وزاد في بعض الروايات أنه طلقها ثلاثا وقال : أردت واحدة فاستحلفه النبي A على ذلك .
وهو جواب واه ؛ لأنه سواء صحت الزيادة أم لم تصح فقد قضى النبي A بالواحدة فيما فيه لفظ الثلاث ولا قائل من الجمهور بالتوهية فالحديث حجة عليهم لا محالة إلا أن روايته ليست في مرتبة معتبرة من الصحة .
السادسة ما رواه الدارقطني في حديث تطليق ابن عمر زوجه حين أمره النبي A أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإنه زاد فيه أنه طلقها ثلاثا ولا شك أن معناه ثلاثا في كلمة لأنها لو كانت طلقة صادفت آخر الثلاث لما جاز إرجاعها إليه ووجه الدليل أنه لما أمره أن يردها فقد عدها عليه واحدة فقط وهذا دليل ضعيف جدا لضعف الرواية ولكون مثل هذه الزيادة مما لا يغفل عنها رواة الحديث في كتب الصحيح كالموطأ وصحيح البخاري ومسلم . والحق أنه لا يقع إلا طلقة واحدة ولا يعتد بقول المطلق ثلاثا .
وذهب مقاتل وداود الظاهري في رواية عنه أن طلاق الثلاث في كلمة واحدة لا يقع طلاقا بالمرة واحتج بأن القرآن ذكر الطلاق المفرق ولم يذكر المجموع فلا يلزم لأنه غير مذكور في القرآن . ولو احتج لهما بأنه منهي عنه والمنهي عنه فاسد لكان قريبا لولا أن الفساد لا يعتري الفسوخ وهذا مذهب شاذ وباطل وقد أجمع المسلمون على عدم العمل به وكيف لا يقع طلاقا وفيه لفظ الطلاق .
وذهب ابن جبير وعطاء وابن دينار وجابر بن زيد إلى أن طلاق البكر ثلاثا في كلمة يقع طلقة واحدة لأنه قبل البناء بخلاف طلاق المبني بها وكأن وجه قولهم فيه : أن معنى الثلاث فيه كناية عن البينونة والمطلقة قبل البناء تبينها الواحدة .
ووصف " زوجا غيره " تحذير للأزواج من الطلقة الثالثة لأنه بذكر المغايرة يتذكر أن زوجته ستصير لغيره كحديث الواعظ الذي اتعظ بغزل الشاعر : .
اليوم عندك دلها وحديثها ... وغدا لغيرك زندها والمعصم وأسند الرجعة إلى المتفارقين بصيغة المفاعلة لتوقفها على رضا الزوجة بعد البينونة ثم علق ذلك بقوله ( إن ظنا أن يقيما حدود الله ) أي أن يسيرا في المستقبل على حسن المعاشرة وإلا فلا فائدة في إعادة الخصومات .
و ( حدود الله ) هي أحكامه وشرائعه شبهت بالحدود لأن المكلف لا يتجاوزها فكأنه يقف عندها .
وحقيقة الحدود هي الفواصل بين الأرضين ونحوها وقد تقدم في قوله ( إلا أن يخافا إلا يقيما حدود الله ) والإقامة استعارة لحفظ الأحكام تبعا لاستعارة الحدود إلى الأحكام كقولهم : نقض فلان غزله وأما قوله ( وتلك حدود الله يبينها ) فالبيان صالح لمناسبة المعنى الحقيقي والمجازي ؛ لأن إقامة الحد الفاصل فيه بيان للناظرين