وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد ب ( قوم يعلمون ) الذين يفهمون الأحكام فهما يهيئهم للعمل بها وبإدراك مصالحها ولا يتحيلون في فهمها .
A E ( وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون [ 230 ] ) الواو اعتراضية والجملة معترضة بين الجملتين : المعطوفة إحداهما على الأخرى وموقع هذه الجملة كموقع جملة ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ) المتقدمة آنفا .
و ( حدود الله ) تقدم الكلام عليها قريبا .
وتبيين الحدود ذكرها للناس موضحة مفصلة معللة ويتعلق قوله ( لقوم يعلمون ) بفعل يبينها ووصف القوم بأنهم يعلمون صريح في التنويه بالذين يدركون ما في أحكام الله من المصالح وهو تعريض بالمشركين الذين يعرضون عن اتباع الإسلام .
وإقحام كلمة ( قوم ) للإيذان بأن صفة العلم سجيتهم وملكة فيهم كما تقدم بيانه عند قوله تعالى ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ) إلى قوله ( لآيات لقوم يعقلون ) .
( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) عطف على جملة ( فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا ) الآية عطف حكم على حكم وتشريع على تشريع لقصد زيادة الوصاة بحسن المعاملة في الاجتماع والفرقة وما تبع ذلك من التحذير الذي سيأتي بيانه .
وقوله ( فبلغن أجلهن ) مؤذن بأن المراد : ( وإذا طلقتم النساء ) طلاقا فيه أجل . والأجل هنا لما أضيف إلى ضمير النساء المطلقات علم أنه أجل معهود بالمضاف إليه . أعني أجل الانتظار وهو العدة وهو التربص في الآية السابقة .
وبلوغ الأجل : الوصول إليه والمراد به هنا مشارفة الوصول إليه بإجماع العلماء ؛ لأن الأجل إذا انقضى زال التخيير بين الإمساك والتسريح وقد يطلق البلوغ على مشارفة الوصول ومقاربته توسعا أي مجازا بالأول . وفي القاعدة الخامسة من الباب الثامن من مغني اللبيب أن العرب يعبرون بالفعل عن أمور : أحدها وهو الكثير المتعارف عن حصول الفعل وهو الأصل . الثاني : عن مشارفته نحو ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن ) ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم ) أي يقاربون الوفاة لأنه حين الوصية .
الثالث : إرادته نحو ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) .
الرابع : القدرة عليه نحو ( وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) أي قادرين .
( والأجل ) في كلام العرب يطلق على المدة التي يمهل إليها الشخص في حدوث حادث معين ومنه قولهم : ضرب له أجلا ( أيما الأجلين قضيت ) .
والمراد بالأجل هنا آخر المدة لأن قوله ( فيلغن ) مؤذن بأنه وصول بعد مسير إليه وأسند بلغن إلى النساء لأنهن اللاتي ينتظرن انقضاء الأجل ليخرجن من حبس العدة وإن كان الأجل للرجال والنساء معا : للأولين توسعة للمراجعة وللأخيرات تحديدا للحل للتزوج .
وأضيف الأجل إلى ضمير النساء لهاته النكتة .
والقول في الإمساك والتسريح مضى قريبا . وفي هذا الوجه تكرير الحكم لمفاد بقوله تعالى ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) فأجيب عن هذا بما قاله الفخر : إن الآية السابقة أفادت التخيير بين الإمساك والتسريح في مدة العدة وهذه أفادت ذلك التخيير في آخر أوقات العدة تذكيرا بالإمساك وتحريضا على تحصيله ويستتبع هذا التذكير الإشارة إلى الترغيب في الإمساك من جهة إعادة التخيير بعد تقدم ذكره وذكر التسريح هنا مع الإمساك ليظهر معنى التخيير بين أمرين وليتوسل بذلك إلى الإشارة إلى رغبة الشريعة في الإمساك وذلك بتقديمه في الذكر ؛ إذ لم يذكر الأمران لما تأتي التقديم المؤذن بالترغيب وعندي أنه على هذا الوجه أعيد الحكم وليبني عليه ما قصد من النهي عن الضرار وما تلا ذلك من التحذير والموعظة وذلك كله مما أبعد عن تذكره الجمل السابقة : التي اقتضى الحال الاعتراض بها