وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما كان قوله ( وله الجواري المنشئات في البحر كالأعلام ) مؤذننا بنعمة إيجاد أسباب النجاة من الهلاك وأسباب السعي لتحصيل ما به إقامة العيش إذ يسر للناس السفن عونا للناس على الأسفار وقضاء الأوطار مع السلامة من طغيان ماء البحار وكان وصف السفن بأنها كالأعلام توسعة في هذه النعمة أتبعه بالموعظة بأن هذا لا يحول بين الناس وبين ما قدره الله لهم من الفناء على عادة القرآن في الفرص للموعظة والتذكير كقوله ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) . وفائدة هذا أن لا ينسوا الاستعداد للحياة الباقية بفعل الصالحات وأن يتفكروا في عظيم قدرة الله تعالى ويقبلوا على توحيده وطلب مرضاته .
ووقوع هذه الجملة عقب ما عدد من النعم فيه إيماء إلى أن مصير نعم الدنيا إلى الفناء .
والجملة استئناف ابتدائي .
A E وضمير ( عليها ) مراد به الأرض بقرينه المقام مثل ( حتى توارت بالحجاب ) أي الشمس ومثله في القرآن كثير وفي كلام البلغاء .
ومعنى ( فإن ) : أنه صائر إلى الفناء فهذا من استعمال اسم الفاعل لزمان الاستقبال بالقرينة مثل ( أنك ميت وأنهم ميتون ) .
والمراد ب ( من عليها ) : الناس لأنهم المقصود بهذه العبر ولذلك جيء ب ( من ) الموصولة الخاصة بالعقلاء .
والمعنى : أن مصير جميع من على الأرض إلى الفناء وهذا التذكير بالموت وما بعده من الجزاء .
و ( وجه ربك ) : ذاته فذكر الوجه هنا جار على عرف كلام العرب . قال في الكشاف : والوجه يعبر به عن الجملة والذات اه .
وقد أضيف إلى أسمه تعالى لفظ الوجه بمعان مختلفة منها ما هنا ومنها قوله ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) وقوله ( إنما نطعمكم بوجه الله ) .
وقد علم السامعون أن الله تعالى يستحيل أن يكون له وجه بالمعنى الحقيقي وهو الجزء الذي في الرأس .
وأصطلح علماء العقائد على تسمية مثل هذا بالمتشابه وكان السلف يحجون على الخوف في ذلك مع اليقين باستحالة ظاهرة على الله تعالى ثم تناوله علماء التابعين وما بعدهم بالتأويل تدريجيا إلى أن اتضح وجه التأويل بالجري على قواعد علم المعاني فزال الخفاء وأندفع الجفاء وكل الفريقين خيرة الحنفاء .
وضمير الخاطب في قوله ( وجه ربك ) خطاب للنبي A وفيه تعظيم لقدر النبي A كما تقدم غير مرة .
والمقصود تبليغه إلى الذين يتلى عليهم القرآن ليذكروا ويعتبروا . ويجوز أن يكون خطابا لغير معين ليعم كل مخاطب .
ولما كان الوجه هنا بمعنى الذات وصف ب ( ذو الجلال ) أي العظمة ( والإكرام ) المنعم على عباده وإلا فإن الوجه الحقيقي لا يضاف للإكرام في عرف اللغة وإنما يضاف للإكرام اليد أي فهو لا يفقد عبيده جلاله وإكرامه وقد دخل في الجلال جميع الصفات الراجعة إلى التنزيه عن النقص وفي الإكرام جميع صفات الكمال الوجودية وصفات الجمال كالإحسان .
وتفريع ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) إنما هو تفريع على جملة ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) كما علمت من أنه يتضمن معاملة خلقه معاملة العظيم الذي لا تصدر عنه السفاسف الكريم الذي لا يقطع إنعامه وذلك من الآلاء العظيمة .
( فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 28 ] ) تكرير كما تقدم وهذا الموقع ينادي على أن ليست هذه الجملة تذييلا لجملة ( كل من عليها فان ) ولا أن جملة ( كل من عليها فان ) تتضمن نعمة إذ ليس في الفناء نعمة .
( يسأله من في السماوات والأرض ) استئناف والمعنى أن الناس تنقرض منهم أجيال وتبقى أجيال وكل باق محتاج إلى أسباب بقائه وصلاح أحواله فهم في حاجة إلى الذي لا يفني وهو غير محتاج إليهم . ولما أفضى الإخبار إلى حاجة الناس إليه تعالى أتبع بأنه الاحتياج عام أهل الأرض وأهل السماء . فالجميع يسألونه فسؤال أهل السماوات وهو الملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ويسألون رضى الله تعالى ومن في الأرض وهو البشر يسألونه نعم الحياة والنجاة في الآخرة ورفع الدرجات في الآخرة . وحذف مفعول ( يسأله ) لإفادة التعميم أي يسألونه حوائجهم ومهامهم من طلوع الشمس إلى غروبها .
( كل يوم هو في شأن [ 29 ] )