وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتقديم السماء على الفعل الناصب له زيادة في الاهتمام بالاعتبار بخلقها .
والميزان : أصله اسم آلة وزن والوزن تقدير تعادل الأشياء وضبط مقادير ثقلها وهو مفعال من الوزن وقد تقدم في قوله تعالى ( والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه ) في سورة الأعراف وشاع إطلاق الميزان على العدل باستعارة لفظ الميزان للعدل علة وجه تشبيه المعقول بالمحسوس .
A E والميزان هنا مراد به العدل مثل الذي في قوله تعالى ( وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ) لأنه الذي وضعه الله أي عينه لإقامة نظام الخلق فالوضع هنا مستعار بالجعل فهو كالإنزال في قوله ( وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ) . ومنه قول أبي طلحة الأنصاري " وإن أحب أموالي إلي بئر حاء وأنها صدقة لله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله " أي أجعلها وعينها لما يدلك الله عليه فإطلاق الوضع في الآية بعد ذكر رفع السماء مشاكلة ضدية وإيهام طباق مع قوله ( رفعها ) ففيه محسنان بديعيان .
وقرن ذلك مع رفع السماء تنويها بشأن العدل بأن نسب إلى العالم العلوي وهو عالم الحق والفضائل وأنه نزل إلى الأرض من السماء أي هو مما أمر الله به ولذلك تكرر ذكر العدل مع ذكر خلق السماء كما في قوله تعالى ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) في سورة يونس وقوله ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق ) في سورة الحجر وقوله ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ) في سورة الدخان . وهذا يصدق القول المأثور : " بالعدل قامت السماوات والأرض " . وإذ قد كان الأمر بإقامة العدل من أهم ما أوصى الله به إلى رسوله A قرن ذكر جعله بذكر خلق السماء فكأنه قيل ووضع فيها الميزان .
و ( أن ) في قوله ( أن لا تطغوا ) يجوز أن تكون تفسيرية لأن فعل وضع الميزان فيه معنى أمر الناس بالعدل . وفي الأمر معنى القول دون حروفه فهو حقيق بأن يأتي تفسيره بحرف ( أن ) التفسيرية . فكان النهي عن إضاعة العدل في أكثر المعاملات تفسيرا لذلك . فتكو ( لا ) ناهية .
ويجوز أن تكون ( أن ) مصدرية بتقدير لام الجر محذوفة قبلها . والتقدير : لئلا تطغوا في الميزان وعلى كلا الاحتمالين يراد بالميزان ما يشمل العدل ويشمل ما به تقدير الأشياء الموزونة ونحوها في البيع والشراء أي من فوائد تنزيل الأمر بالعدل أن تجتنبوا الطغيان في إقامة الوزن في المعاملة . وتكون ( لا ) نافية وفعل ( تطغوا ) منصوبا ب ( أن ) المصدرية ولفظ ( الميزان ) يسمح بإرادة المعنيين على طريقة استعمال المشترك في معنييه . وفي لفظ الميزان وما قارنه من فعل ( وضع ) وفعلي ( لا تطغوا ) و ( أقيموا ) وحرف الباء في قوله ( بالقسط ) وحرف ( في ) من قوله ( في الميزان ) ولفظ ( القسط ) كل هذه تظاهرت على إفادة هذه المعاني وهذا من إعجاز القرآن .
والطغيان : دحض الحق عمدا وأحتقارا لأصحابه فمعنى الطغيان في العدل الاستخفاف بإضاعته وضعف الوازع عن الظلم . ومعنى الطغيان في وزن المقدرات تطفيفه .
و ( في ) من قوله ( في الميزان ) ظرفية مجازية تفيد النهي عن أقل طغيان على الميزان أي ليس النهي عن إضاعة الميزان كله بل النهي عن كل طغيان يتعلق به على نحو الظرفية قوله تعالى ( وارزقوهم فيها واكسوهم ) أي ارزقوهم من بعضها وقول سبرة بن عمرو الفقعسي : .
سبرة بن عمرو الفقعسي ... ونشرب في أثمانها ونقامر إذ أراد أنهم يشربون الخمر ببعض أثمان إبلهم ويقامرون أي أن لهم فيها منافع أخرى وهي العطاء والأكل منها لقوله في صدر البيت : .
" نحابي بها أكفاءنا ونهينها وقوله تعالى ( وأقيموا الوزن بالقسط ) عطف على جملة ( أن لا تطغوا في الميزان ) على احتمال قول المعطوف عليها تفسيرية .
وعلى جملة ( ووضع الميزان ) على احتمال قول المعطوف عليها تعليلا .
والإقامة : جعل الشيء قائما وهو تمثيل للإتيان به على أكمل ما يريد له وقد تقدم عند قوله ( ويقيمون الصلاة ) في سورة البقرة .
والوزن حقيقته : تحقيق تعادل الأجسام في الثقل وهو هنا مراد به ما يشمل تقدير الكميات وهو الكيل والمقياس