وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولأن السورة هذه بنيت على ذكر الأمور المزدوجة والشمس والقمر مزدوجان في معارف عموم لناس فالشمس : كوكب سماوي لأنه أعلى من الأرض والأرض تدور حوله وداخله في النظام الشمسي . والقمر : كوكب أرضي لأنه دون الأرض وتابع لها كبقية أقمار الكواكب فذكر الشمس والقمر كذكر السماء والأرض والمشرق والمغرب والبحرين .
( والنجم والشجر يسجدان [ 6 ] ) عطف على جملة ( الشمس والقمر بحسبان ) عطف الخبر على الخبر للوجه الذي تقدم لأن سجود الشمس والقمر لله تعالى وهو انتقال من الامتنان بما في السماء من المنافع إلى الامتنان بما في الأرض وجعل لفظ ( النجم ) واسطة الانتقال لصلاحيته لأنه يراد منه نجوم السماء وما يسمى نجما من نبات الأرض كما يأتي .
A E وعطفت جملة ( والنجم والشجر يسجدان ) ولم تفصل فخرجت من أسلوب تعداد الأخبار إلى أسلوب عطف بعض الأخبار على بعض لأن الأخبار الواردة بعد حروف العطف لم يقصد بها التعداد إذ ليس فيها تعريض بتوبيخ المشركين فالإخبار بسجود النجم والشجر أريد به الإيقاظ إلى ما في هذا من الدلالة على عظيم القدرة دلالة رمزية ولأنه لما اقتضى المقام جمع النظائر من المزاوجات بعد ذكر الشمس والقمر كان ذلك مقتضيا سلوك طريقة لوصل بالعطف بجامع التضاد .
وجعلت الجملة مفتتحة بالمسند إليه لتكون على صورة فاتحة الجملة التي عطفت عليها . وأتي بالمسند فعلا مضارعا للدلالة على تجدد هذا السجود وتكرره على معنى قوله تعالى ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ) .
والنجم يطلق : اسم جمع على نجوم السماء قال تعالى ( والنجم إذا هوى ) ويطلق مفردا فيجمع على نجوم قال تعالى ( وإدبار النجوم ) . وعن مجاهد تفسيره هنا بنجوم السماء .
ويطلق النجم على النبات والحشيش الذي لا سوق له فهو متصل بالتراب . وعن ابن عباس تفسير النجم في هذه الآية بالنبات الذي لا ساق له . والشجر : النبات الذي له ساق وارتفاع عن وجه الأرض . وهذان ينتفع بهما الإنسان والحيوان .
فحصل من قوله ( والنجم والشجر يسجدان ) بعد قوله ( الشمس والقمر بحسبان ) قرينتان متوازيتان في الحركة والسكون وهذا من المحسنات البديعية الكاملة .
والسجود : يطلق على وضع الوجه على الأرض بقصد التعظيم ويطلق الوقوع على الأرض مجازا مرسلا بعلاقة الإطلاق أو استعارة ومنه قولهم " نخلة ساجدة " إذا أمالها حملها فسجود نجوم السماء نزولها إلى جهات غروبها وسجود نجم الأرض التصاقه بالتراب كالساجد وسجود الشجر تطأطؤه بهبوب الرياح ودنو أغصانه للجانين لثماره والخابطين لورقه ففعل ( يسجدان ) مستعمل في معنيين مجازيين وهما الدنو للمتناول والدلالة على عظمة الله تعالى بان شبه ارتسام ظلالهما على الأرض بالسجود كما قال تعالى ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال في سورة الرعد وكما قال امرؤ القيس : .
يكب على الأذ ... قان وح الكنهبل فقال : على الأذقان ليكون الانكباب مشبها بسقوط الإنسان على الأرض بوجهه ففيه استعارة مكنية وذكر الأذقان تخيل وعليه يكون فعل ( يسجدان ) هنا مستعملا في مجازه وذلك يفيد أن الله خلق في الموجودات دلالات عدة على أن الله موجدها ومسخرها ففي جميعها دلالات عقلية وفي بعضها أو معظمها دلالات أخرى رمزية وخيالية لتفيد منها العقول المتفاوتة في الاستدلال .
( والسماء رفعها ووضع الميزان [ 7 ] ألا تطغوا في الميزان [ 8 ] وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان [ 9 ] ) اطرد في هذه الآية أسلوب المقابلة بين ما يشبه الضدين بعد مقابلة ذكر الشمس والقمر بذكر النجم والشجر فجيء بذكر خلق السماء وخلق الأرض .
وعاد الكلام إلى طريقة الإخبار عن المسند إليه بالمسند الفعلي كما في قوله ( الرحمن علم القرآن ) وهذا معطوف على الخبر فهو في معناه .
ورفع السماء يقتضي خلقها . وذكر رفعها لأنه محل العبرة بالخلق العجيب . ومعنى رفعها : خلقها مرفوعة بغير أعمدة كما يقال للخياط : وسع جيب القميص أي خطه واسعا على أن في مجرد الرفع إيذانا بسمو المنزلة وشرفها لأن فيها منشأ أحكام الله ومصدر قضائه ولأنها مكان الملائمة وهذا من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه