وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذه قضية لا ينازعون فيها ولكنهم لما أعرضوا عن موجبها وهو إفراد الله تعالى بالعبادة سيق لهم الخبر بها على أسلوب التعديد بدون عطف كالذي يعد للمخاطب مواقع أخطائه وغفلته وهذا تبكيت ثان .
ففي خلق الإنسان دلالتان : أولاهما : الدلالة على تفرد الله تعالى بالإلهية وثانيتهما الدلالة على نعمة الله على الإنسان .
والخلق : نعمة عظيمة لأن فيها تشريفا للمخلوق بإخراجه من غياهب ألعدم إلى مبرز الوجود في الأعيان وقدم خلق الإنسان على خلق السماوات والأرض لما علمت آنفا من مناسبة إردافه بتعليم القرآن .
ومجيء المسند فعلا بعد المسند إليه يفيد تقوي الحكم . ولك أن تجعله للتخصيص بتنزيلهم منزلة من ينكر أن الله خلق الإنسان لأنهم عبدوا غيره .
( علمه البيان [ 4 ] ) خبر ثالث تضمن الاعتبار بنعمة الإبانة عن المراد والامتنان بها بعد الامتنان بنعمة الإيجاد أي علم جنس الإنسان أن يبين عما في نفسه ليفيده غيره ويستفيد هو .
A E والبيان : الإعراب عما في الضمير من المقاصد والأغراض وهو النطق وبه تميز الإنسان عن بقية أنواع الحيوان فهو من أعظم النعم .
وأما البيان من غير النطق من إشارة وإيماء ولمح النظر فهو أيضا من مميزات الإنسان وإن كان دون بيان النطق .
ومعنى تعليم الله الإنسان البيان : أنه خلق فيه الاستعداد لعم ذلك وأهمله وضع اللغة للتعارف وقد تقدم عند قوله تعالى ( وعلم آدم الأسماء كلها ) في سورة البقرة .
وفي الإشارة إلى أن نعمة البيان أجل النعم على الإنسان فعد نعمة التكاليف الدينية وفيه تنويه بالعلوم الزائدة في بيان الإنسان وهي خصائص اللغة وآدابها .
ومجيء المسند فعلا بعد المسند إليه لإفادة تقوي الحكم .
وفيه من التبكيت ما علمته آنفا ووجه أنهم لم يشكروه على نعمة البيان إذ صرفوا جزءا كبيرا من بيانهم فيما يلهيهم عن إفراد الله بالعبادة وفيما ينازعون الله به من يدعوهم إلى الهدى .
( الشمس والقمر بحسبان [ 5 ] ) جملة هي خبر رابع عن الرحمن وإلا كان ذكره هنا بدونه مناسبة فينقلب اعتراضا . ورابط الجملة بالمبتدأ تقديره : بحسبانه أي حسبان الرحمان وضبطه .
وهذا استدلال على التفرد بخلق كوكب الشمس وكرة القمر وامتنان بما أودع فيهما من منافع للناس ونظام سيرهما الذي به تدقيق نظام معاملات الناس واستعدادهم لما يحتاجون إليه عند تغيرات أجوائهم وأرزاقهم . ويتضمن الامتنان بما في ذلك من منافعهم وفي كون هذا الخبر جاريا على أسلوب التعديد ما قد علمت آنفا من التبكيت ووجهه أنهم غفلوا عما في نظام الشمس والقمر من الحكمة وما يدل عليه ذلك النظام من تفرد الله بتقديره فاشتغل بعضهم بعبادة الشمس وبعضهم بعبادة القمر كما قال تعالى ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) .
وجيء بهذه الجملة اسمية للتهويل بالابتداء باسم الشمس والقمر وللدلالة على أن حسبانهما ثابت لا يتغير منذ بدء الخلق مؤذن بحكمة الخالق . واستغني بجعل اسم الشمس والقمر مسندا إليهما عن تفكيك المسند إلى مسندين : أحدهما يدل على الاستدلال والآخر يدل على الامتنان كما وقع في قوله ( خلق الإنسان علمه البيان ) .
والحسبان : مصدر حسب بمعنى عد مثل الغفران .
والباء للملابسة وهي ظرف مستقر هو خبر عن الشمس والقمر والتقدير : كائنان بحسبان أي بملابسة حسبان أي لحساب الناس مواقع سيرهما .
وإسناد هذه الملابسة إلى الشمس والقمر مجازي عقلي لأن الشمس والقمر سبب لتلبس الناس بحسابهما كما تقول : أنت بعناية مني جعلت عنايتك ملابسة للمخاطب ملابسة اعتبارية وقوله تعالى ( فإنك بأعيننا ) وقد تقدم في قوله تعالى ( والشمس والقمر حسبانا ) في سورة الأنعام . والحسبان كناية عن انتظام سيرهما انتظاما مطردا لا يختل حساب الناس له والتوقيت به .
واقتصر على ذكر الشمس والقمر دون بقية الكواكب وإن كان فيها حسبان الأنواع والحر والبرد مثل الجوزاء والشعرى ومنزلة الأسد والثريا لأن هذين الكوكبين هما الباديان لجميع الناس لا يحتاج تعقل أحوالهما إلى تعليم توقيت مثل الكواكب الأخرى