وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والضلال : يطلق على ضد الهدى ويطلق على الخسران وأكثر المفسرين على أن المراد به هنا المعنى الثاني . فعن ابن عباس : المراد الخسران في الآخرة لأن الظاهر أن ( يوم يسحبون في النار ) طرف للكون في ضلال وسعر على نحو قوله تعالى ( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة ) وقوله ( ويوم القيامة هم من المقبوحين ) فلا يناسب أن يكون الضلال ضد الهدى .
A E ويجوز أن يكون ( يوم يسحبون ) ظرفا للكون الذي في خبر ( إن ) أي كائنون في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار فالمعنى : أنهم في ضلال وسعر يوم القيامة و ( سعر ) جمع سعير وهو النار وجمع السعير لأنه قوي شديد .
والسحب : الجر وهو في النار أشد من ملازمة المكان لأن به يتجدد مماسة نار أخرى فهو أشد تعذيبا .
وجعل السحب على الوجوه إهانة لهم .
و ( ذوقوا مس سقر ) مقول قول محذوف والجملة مستأنفة . والذوق مستعار للإحساس .
وصيغة الأمر مستعملة في الإهانة والمجازاة .
والمس مستعمل في الإصابة على طريقة المجال المرسل .
وسقر : علم على جهنم وهو مشتق من السقر بسكون القاف وهو التهاب في النار ف ( سقر ) وضع علما لجهنم ولذلك فهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث لأن جهنم اسم مؤنث معنى اعتبروا فيه أن مسماه نار والنار مؤنثة .
والآية تتحمل معنى آخر وهو أن يراد بالضلال ضد الهدى وأن الإخبار عن المجرمين بأنهم ليسوا على هدى وأن ما هم فيه باطل وضلال وذلك في الدنيا وأن يراد بالسعر نيران جهنم وذلك في الآخرة فيكون الكلام على التقسيم .
أو يكون السعر بمعنى الجنون يقال : سعر بضمتين وسعر بسكون العين أي جنون من قول العرب ناقة مسعورة أي شديدة السرعة كأن بها جنونا كما تقدم عند قوله تعالى ( إنا إذن لفي ضلال وسعر ) في هذه السورة .
وروي عن ابن عباس وفسر به أبو على الفارسي قائلا : لأنهم أن كانوا في السعير لم يكونوا في ضلال لأن الأمر قد كشف لهم وإنما وصف حالهم في الدنيا وعليه فالضلال والسعر حاصلان لهم في الدنيا .
( إنا كل شيء خلقناه بقدر [ 49 ] ) استئناف وقع تذييلا لما قبله من الوعيد والإنذار والاعتبار بما حل بالمكذبين وهو أيضا توطئة لقوله ( وما أمرنا إلا واحدة ) الخ .
والمعنى : إنا خلقنا وفعلنا كل ما ذكر من الأفعال وأسبابها وآلاتها وسلطناهم على مستحقيه لأنا خلقنا كل شيء بقدر أي فإذا علمتم هذا فانتبهوا إلى أن ما أنتم عليه من التكذيب والإصرار مماثل لما كانت عليه الأمم السالفة .
واقتران الخبر بحرف ( إن ) يقال فيه ما قلناه في قوله ( إن المجرمين في ضلال وسعر ) ؟ .
والخلق أصله : إيجاد ذات بشكل مقصود فهو حقيقة في إيجاد الذوات ويطلق مجازا على إيجاد المعاني التي تشبه الذوات في التميز والوضوح كقوله تعالى ( وتخلقون إفكا ) .
فإطلاقه في قوله ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه .
و ( شيء ) معناه موجود من الجواهر والأعراض أي خلقنا كل الموجودات جوارها وأعراضها بقدر .
والقدر : بتحريك الدال مرادف القدر بسكونها وهو تحديد الأمور وضبطها .
والمراد : أن خلق الله الأشياء مصاحب لقوانين جارية على الحكمة وهذا المعنى قد تكرر في القرآن كقوله في سورة الرعد ( وكل شيء عنده بمقدار ) ومما يشمله عموم بكل شيء خلق جهنم للعذاب .
وقد أشار إلى أن الجزاء من مقتضى الحكمة قوله تعالى ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) وقوله ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل إن ربك هو الخلاق العليم ) وقوله ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) فترى هذه الآيات وأشباهها تعقب ذكر كون الخلق كله لحكمة بذكر الساعة ويوم الجزاء . فهذا وجه تعقيب آيات الإنذار والعقاب المذكورة في هذه السورة بالتذييل بقوله ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) بعد قوله ( أكفاركم خير من أولئكم ) وسيقول ( ولقد أهلكنا أشياعكم )