وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولعل الله تعالى ألقى في نفوس المشركين هذا الغرور بأنفسهم وهذا الاستخفاف بالنبي A وأتباعه ليشغلهم عن مقاومته باليد ويقصرهم على تطاولهم عليه بالألسنة حتى تكثر أتباعه وحتى يتمكن من الهجرة والانتصار بأنصار الله .
A E فقوله ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) جواب عن قولهم ( نحن جميع منتصر ) فلذلك لم تعطف الجملة على التي قبلها . وهذا بشارة لرسوله A بذلك وهو يعلم أن الله منجز وعده ولا يزيد ذلك الكافرين إلا غرورا فلا يعيروه جانب اهتمامهم وأخذ العدة لمقاومته كما قال تعالى في نحو ذلك ( ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا ) .
والتعريف في ( الجمع ) أي الجمع المعهود من قوله ( نحن جميع منتصر ) والمعنى : سيهزم جمعهم . وهذا معنى قول النحاة : اللام عوض عن المضاف إليه .
والهزم : الغلب والسين لتقريب المستقبل كقوله ( قل للذين كفروا ستغلبون ) . وبني الفعل للمجهول لظهور أن الهازم المسلمون .
ويولون : يجعلون غيرهم يلي فهو يتعدى بالتضعيف إلى مفعولين وقد حذف مفعوله الأول هنا للاستغناء عنه إذ الغرض الإخبار عنهم بأنهم إذا جاء الوغى يفرون ويولونكم الأدبار .
والدبر : الظهر وهو ما أدبر أي كان وراء وعكسه القبل .
والآية إخبار بالغيب فإن المشركين هزموا يوم بدر وولوا الأدبار يومئذ وولوا الأدبار في جمع آخر وهو جمع الأحزاب في غزوة الخندق ففر بليل كما مضى في سورة الأحزاب وقد ثبت في الصحيح أن النبي A لما خرج لصف القتال يوم بدر تلا هذه الآية قبل القتال إيماء إلى تحقيق وعد الله بعذابهم في الدنيا .
وأفرد الدبر والمراد الجمع لأنه جنس يصدق بالمتعدد أي يولي كل أحد منهم دبره وذلك لرعاية الفاصلة ومزاوجة القرائن على أن انهزام الجمع انهزامة واحدة ولذلك الجيش جهة تول واحدة وهذا الهزم وقع يوم بدر .
روي عن عكرمة أن عمر بن الخطاب قال : " لما نزلت ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) جعلت أقول : أي جمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر رأيت النبي A يثب في الدرع ويقول ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) " اه أي لم يتبين له المراد بالجمع الذي سيهزم ويولي الدبر فإنه لم يكن يومئذ قتال ولا كان يخطر لهم ببال .
( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر [ 46 ] ) ( بل ) للإضراب الانتقالي وهو انتقال من الوعيد بعذاب الدنيا كما حل بالأمم قبلهم إلى الوعيد بعذاب الآخرة . قال تعالى ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) وعذاب الآخرة أعظم فلذلك قال ( والساعة أدهى وأمر ) وقال في الآية الأخرى ( ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) وفي الآية الأخرى ( ولعذاب الآخرة أخزى ) .
والساعة : علم بالغلبة في القرآن على يوم الجزاء .
والموعد : يوم الوعد وهو هنا وعد سوء أي وعيد . والإضافة على معنى اللام أي موعد لهم . وهذا إجمال بالوعيد ثم عطف عليه ما يفصله وهو ( والساعة أدهى وأمر ) . ووجه العطف أنه أريد جعله خبرا مستقلا .
وأدهى : اسم تفضيل من دهاه إذا أصابه بداهية أي الساعة أشد إصابة بداهية الخلود في النار من داهية عذاب الدنيا بالقتل والأسر .
وأمر : أي أشد مرارة . واستعيرت المرارة للإحساس بالمكروه على طريقة تشبيه المعقول الغائب بالمحسوس المعروف .
وأعيد اسم ( الساعة ) في قوله ( والساعة أدهى ) دون أن يؤتى بضميرها لقصد التهويل ولتكون الجملة مستقلة بنفسها فتسير مسير المثل .
( إن المجرمين في ضلال وسعر [ 47 ] يوم يسحبون في النار على وجههم ذوقوا مس سقر [ 48 ] ) هذا الكلام بيان لقوله ( والساعة أدهى وأمر ) . واقتران الكلام بحرف ( إن ) لفائدتين : إحداهما الاهتمام بصريحه الإخباري وثانيهما تأكيد ما تضمنه من التعريض بالمشركين لأن الكلام وإن كان موجها للنبي A وهو لا يشك في ذلك فإن المشركين يبلغهم ويشيع بينهم وهم لا يؤمنون بعذاب الآخرة فكانوا جديرين بتأكيد الخبر في جانب التعريض فتكون ( إن ) مستعملة في غرضيها من التوكيد والاهتمام .
والتعبير عنهم ب ( المجرمين ) إظهار في مقام الإظمار لإلصاق وصف الإجرام بهم