وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والفاء في قوله ( فكذبوا عبدنا ) لتفريع الإخبار بتفصيل تكذيبهم إياه بأنهم قالوا ( مجنون وازدجر ) على الإخبار بأنهم كذبوه على الإجمال وإنما جيء بهذا الأسلوب لأنه لما كان المقصود من الخبر الأول تسلية الرسول A فرع عليه الإخبار بحصول المشابهة بين تكذيب قوم نوح رسولهم وتكذيب المشركين محمدا A في أنه تكذيب لمن أرسله الله واصطفاه بالعبودية الخاصة وفي أنه تكذيب مشوب ببهتان إذ قال كلا الفريقين لرسوله : مجنون ومشوب ببذاءة إذ آذى كلا الفريقين رسولهم وازدجروه . فمحل التفريع هو وصف نوح بعبودية الله تكريما له والإخبار عن قومه بأنهم افتروا عليه وصفه بالجنون واعتدوا عليه بالأذى والازدجار . فأصل تركيب الكلام : كذبت قبلهم قوم نوح فقالوا : مجنون وازدجر . ولما أريد الإيماء إلى تسلية الرسول A ابتداء جعل ما بعد التسلية مفرعا بفاء التفريع ليظهر قصد استقلال ما قبله ولولا ذلك لكان الكلام غنيا عن الفاء إذ كان يقول : كذبت قوم نوح عبدنا .
وأعيد فعل ( كذبوا ) لإفادة توكيد التكذيب أي هو تكذيب قوي كقوله تعالى ( وإذا بطشتم بطشتم جبارين ) وقوله ( ربنا هؤلاء الذين أغويناهم كما غوينا ) وقول الأحوص : .
فإذا تزول تزول عن متخمط ... تخشى بوادره على الأقران وقد نبه على ذلك ابن جني في إعراب هذا البيت من ديوان الحماسة وذكر أن أبا علي الفارسي نحا غير هذا الوجه ولم يبينه .
وحاصل نظم الكلام يرجع إلى معنى : أنه حصل فعل فكان حصوله على صفة خاصة أو طريقة خاصة .
ويجوز أن يمون فعل ( كذبت ) مستعملا في معنى : إنهم اعتقدوا كذبه فتفريع ( كذبوا عبدنا ) عليه تفريع تصريحهم بتكذيبه على اعتقادهم كذبه . فيكون فعل ( كذبوا ) مستعملا في معنى غير الذي استعمل فيه فعل ( كذبت ) والتفريع ظاهر على هذا الوجه .
وهذا الوجه يتأتى في قوله تعالى ( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي ) في سورة سبأ .
ويجوز أن يكون قوله ( كذبت قبلهم قوم نوح ) إخبارا عن تكذيبهم بتفرد الله بالإلهية حين تلقوه من الأنبياء الذين كانوا قبل نوح ولم يكن قبله رسول وعلى هذا الوجه يكون التفريع ظاهرا .
و ( ازدجر ) معطوف على ( قالوا ) وهو افتعل من الزجر . وصيغة الافتعال هنا للمبالغة مثلها : افتقر واضطر .
ونكتة بناء الفعل للمجهول هنا التوصل إلى حذف ما يسند إليه فعل الازدجار المبني للفاعل وهو ضمير ( قوم نوح ) فعدل عن أن يقال : وازدجروه إلى قوله ( وازدجر ) محاشاة للدال على ذات نوح وهو ضمير من أن يقع مفعولا لضميرهم . ومرادهم أنهم ازدجروه أي نهوه عن ادعاء الرسالة بغلظة قال تعالى ( قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في ضلالة وإنا لنظنك من الكاذبين ) وقالوا ( لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ) وقال ( كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه ) .
A E ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر [ 10 ] ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر [ 11 ] وفجرنا الأرض عيون فالتقى الماء على أمر قد قدر [ 12 ] وحملناه على ذات ألواح ودسر [ 13 ] تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر [ 14 ] ) تفريع على ( كذبت قبلهم قوم نوح ) وما تفرع عليه .
والمغلوب مجاز شبه يأسه من أجابتهم لدعوته بحال الذي قاتل أو صارع فغلبه مقاتله وقد حكى الله تعالى في سورة نوح كيف سلك مع قومه وسائل الإقناع بقبول دعوته فأعيته الحيل .
و ( أني ) بفتح الهمزة على تقدير باء الجر محذوفة أي دعا بأني مغلوب أي بمضمون هذا الكلام في لغته .
وحذف متعلق ( فانتصر ) للإيجاز وللرعي على الفاصلة والتقدير : فانتصر لي أي انصرني .
وجملة ( ففتحنا أبواب السماء ) إلى آخرها مفرعة على جملة ( فدعا ربه ) ففهم من التفريع أن الله استجاب دعوته وأن إرسال هذه المياه عقاب لقوم نوح . وحاصل المعنى : فأرسلنا عليهم الطوفان بهذه الكيفية المحكمة السريعة .
وقرأ الجمهور ( ففتحنا ) بتخفيف التاء . وقرأه ابن عامر بتشديدها على المبالغة . والفتح بمعنى شدة هطول المطر .
وجملة ( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ) مركب تمثيلي لهيئة اندفاق الأمطار من الجو بهيئة خروج الجماعات من أبواب الدار على طريقة :